مرعي الحليان

2015-12-09


عرفات وأشياء التحرير
بقلم : مرعي الحليان

لأنني من جيل فتح عينه على فلسطين الأرض العربية المحتلة، وبيت المقدس المحتل ونكبة الشعب الفلسطيني المحتل والمشرد من أراضيه.ولدنا وتحرير فلسطين حلم لاحقنا حتى شاب شعر الرأس اليوم.. كنا صغارا نهتف باسم فلسطين، باسم القدس باسم ياسر عرفات، ارتبطنا بهذا الرجل كمناضل يقود المناضلين الفلسطينيين إلى التحرير، عاش معنا في الذاكرة التي كانت تكبر وتنمو وتختزن الأحداث. 

وعلى طاولات الدرس وعلى أغلفة الكراسات والكتب رسمنا كوفيته وعلامة النصر التي اشتهر بها، ورسمنا كلاشنكوف وخارطة فلسطين بجانبه، وكانت الرموز الثلاثة في الذاكرة الحاضرة لنا رمزاً لشيء واحد، هو تحرير الأرض السليبة ولطالما طاردنا الحلم في الصحو والنوم بالذهاب والصلاة في المسجد الأقصى. 

رموز التاريخ العربي المعاصر كانت كلها ترتبط معنا بالوحدة العربية وتحرير فلسطين وياسر عرفات بكوفيته رمز بارز، في صغرنا وصبانا لم نكن معنيين بالتفاصيل الدقيقة لحركات التحرير ومنظماتها، كانت الجملة واضحة أمامنا.. هناك أرض عربية فلسطينية. 

وهناك مقاومون يضحون بدمائهم، ولأننا بعيدون عن خط المواجهة ولأننا صبيان كنا نحترق في أماكننا غيظا وكرها للصهيونية التي تقتل أهلنا هناك، وياسر عرفات يبرز في الذاكرة في كل مرة.احتل مكانه في تاريخ إرهاصاتنا العربية ودخل عرفات في صدر كل عربي مثلنا. 

وكانت وما زالت أخباره تهمنا حتى في احلك الظروف، وحتى في اختلافنا معه بعد ان كبرنا وتحوله من النضال بالبنادق التي كان يجمعها من مخلفات الحرب العالمية في شبابه إلى نضال الكلام والمعاهدات، ورغم الاختلاف أيضا كنا ومازلنا نقول ربما الرجل أدرى وأعلم منا، لأنه في جوف المعركة، اختلفنا معه هنا وهناك.. 

من موقفه من غزو الكويت وحتى أوسلو.. ورغم ذلك بقى في صدورنا لبقاء الأمل بتحرير الأرض الغالية على أرواحنا، أحببناه، نترقب خطبه وتصريحاته، وننتظر اللحظة التي يرفع فيها إصبعي يديه بشارة النصر، وفي كله مرة كان يفعل ذلك ودون ان نشعر نملأ بالنصر والفخر، لأن العلامة التي رفعها تغيظ الأعداء. 

عرفات شوكة في حلق الصهيونية، وحتى آخر أيام الحصار التي عاشها في مقر السلطة برام الله محبوسا في الظلام، كنا نرفع أيدينا إلى الله داعين ان يثبت صموده، عرفات كل الفلسطينيين حتى من اختلف معهم وساروا ضد تياره. 

عرفات عنوان كبير في سجل النضال العربي ضد الغاشم المغتصب لا يمكن ان تغفله الذاكرة، ولا التاريخ، ولا واقع ما وصلت إليه قضيتنا في فلسطين، فان ترجل، فهو فارس من فوارس العرب النادرين.

البيان الاماراتية: 11/11/2004