موشيه يعلون

2015-12-09


يعلون:عرفات كان يتستر على نشطاء حماس وفشلنا باغتياله
موشيه يعلون *

تطرق موشيه يعلون قائد أركان الجيش الإسرائيلي السابق في كتابه الذي أصدره حديثا والذي يحمل اسم ( درب طويل قصير) إلي الرئيس الراحل ياسر عرفات حيث يؤكد يعلون من خلال كتابه ان الرئيس الشهيد عرفات قد استخدم اتفاق أوسلو محطة في طريقه لإبادة إسرائيل موضحاً أنه تبنى نظرية خيوط العنكبوت قبل السيد حسن نصر الله والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد.وكشف الكاتب أن إسرائيل كرست جهوداً كبيرة لاستهداف الرئيس الراحل ياسر عرفات خلال اجتياح بيروت عام ،1982 لكنها فشلت في رصده إلا في يومه الأخير وهو يستقل السفينة التي أقلته والمقاتلين الفلسطينيين إلى تونس.ويشير يعلون في كتابه إلى أنه شارك في حرب لبنان الأولى قائدا للوحدة الخاصة التابعة لهيئة الأركان (سييرت متكال) التي أنيطت بها مهمة البحث عن ياسر عرفات.ويوضح أن الوحدة لم تتمكن من رصد عرفات في بيروت الغربية طيلة الحرب سوى في يومه الأخير في بيروت، ويتابع رصدته بندقية قناص وهو يعتلي السفينة في ميناء بيروت عن بعد 180 متراً ما مكننا من استهدافه بشكل مؤكد، لكننا لم نحصل على مصادقة قيادة الجيش على إطلاق النار عليه.

و يشدد يعلون خلال استعراضه لمسيرة الصراع مع الفلسطينيين ومحاولات التسوية معهم، على أن الرئيس الراحل ياسر عرفات لم يعترف بإسرائيل كدولة يهودية ولم يتخل عن خطته المرحلية للإجهاز عليها، معتبرا اتفاقية أوسلو مجرد محطة فيها.

ويشير يعلون الذي شغل رئاسة الاستخبارات العسكرية (أمان)، إلى أن عرفات لم يتنازل عن ثقافة المقاومة ولم يدفع نحو تسليم الفلسطينيين بوجود إسرائيل، ويتابع : لاحظت فرقا شاسعا بين الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي أراد التوصل لاتفاق وأعد شعبه وجيشه له، فيما واصل عرفات ببلاغته الجهادية فتحدث بالانجليزية عن “سلام الشجعان” وبالعربية تحدث عن مواصلة الكفاح والجهاد.

ويشير يعلون إلى أن برامج التعليم والخرائط الفلسطينية بعد أوسلو ظلت تعتبر تل أبيب مستوطنة كمستوطنة ألون موريه في الضفة الغربية، فيما اعتبرت حيفا مدينة فلسطينية.

ويتهم عرفات بالتستر على ناشطي حركة المقاومة الإسلامية(حماس) واستخدام قدراتهم في استهداف إسرائيل بخلاف اتفاقات أوسلو. ويضيف. امتنع عرفات عن مواجهة حماس رغم قدرته المؤكدة مثلما أثبت يوم وقعت أحداث مسجد فلسطين في غزة عام 1994 وما لبث أن اعتقل قادتها في العام التالي.

ويقول إنه أطلع رئيس الوزراء السابق اسحق رابين قبل اغتياله حول رؤيته لياسر عرفات، ولفت إلى أنه اقتنع بها وطلب تأجيل الضغط عليه ريثما ينتخب في انتخابات 1996  لانه رجّح مواجهة مصاعب في مواجهة الحركات الإرهابية قبل انتخابه.

ويتابع يعلون: عقب الانتخابات رافقت رئيس الحكومة شمعون  بيريس للقاء عرفات في حاجز إيرز وأطلعناه على قائمة المطلوب اعتقالهم، ولما ذكرت محمد ضيف كبير المطلوبين تظاهر عرفات بعدم معرفته. فسأل قائد الأمن الوقائي محمد دحلان: محمد شو؟” فكان واضحا أنه يغرر بنا.

ويتهم يعلون المعروف بمواقفه المتشددة القيادة الإسرائيلية، ويقول إن المشكلة تكمن فيها بما لا يقل عن عرفات لأنها ترفض مواجهة الحقيقة لخوفها من الاعتراف بفشل أسلوبها.

ويشير يعلون إلى أن عرفات في الواقع لم يعدل الميثاق الوطني الفلسطيني بإزالة البنود التي تنفي الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود، وبخلاف ما نشر قام بمناورة من خلال صياغة نص يمكنه من التهرب من التعديل المطلوب. ويتابع في النص الإنجليزي لقرار المجلس الوطني الفلسطيني عام 1996 قيل إن التعديل يطبق فورا، فيما أتاح النص العربي للقرار الفهم بأن التغيير سيكون مستقبلا، وقيل لأعضاء المجلس الوطني إن النص العربي فحسب هو الملزم لهم.

ويوضح يعلون أن رئيس الحكومة وقتذاك بيريس، رفض وجهة نظره حول المؤامرة واتهمه بالسوداوية قبل أن يبارك قرار المجلس الوطني الفلسطيني ويثني عليه. ويضيف “عرفات لم يكن وحيدا في تضليلنا لأننا نضلل أنفسنا”.

ويتهم يعلون عرفات بتسخين الأجواء في الضفة وغزة قبل فشل قمة كامب ديفد عام،2000 تمهيدا لإشعال حرب تمكنه من التخلص من اتفاق أوسلو وتسوية الدولتين التي تبقي 22% فقط من الأرض بيد الفلسطينيين. ويضيف التقى رئيس الوزراء أيهود باراك ياسر عرفات في رام الله في مايو/أيار1991 وبعد أيام أمر عرفات مروان البرغوثي بتسخين الأوضاع عشية الذكرى السنوية للنكبة.

ويقول يعلون إن عرفات لم يكن مستعدا لقبول فكرة دولة الجوار الفلسطينية والاكتفاء بحدود الرابع من يونيو/حزيران67 موضحاً أن الزعيم الفلسطيني آمن بقدرته على" ابتزاز" إسرائيل بالقوة وتدريجيا.

ويقتبس يعلون عن الراحل فيصل الحسيني قوله :إن اتفاقات أوسلو شكلت حصان طروادة للفلسطينيين الذين خرجوا من بطنه في انتفاضة القدس والأقصى عام ،2000 موضحا:ان  كتابات صخر حبش منظر حركة التحرير (فتح) تعزز ذلك.

ويقول يعلون إ:بعد اندلاع الانتفاضة الثانية أفشل عرفات محاولة لوقف النار. و التقى باراك وعرفات ووزيرة الخارجية الأميركية  مادلين أولبرايت في بيت السفير الأميركي في باريس نهاية العام 2000 ضمن جلسة مغلقة، وكانت أصوات الصراخ تتعالى من داخل الغرفة التي فتح بابها فجأة وخرج عرفات غاضبا، في ما كانت أولبرايت تركض خلفه قائلة : أوقفوه ..أوقفوه، وتابعته حتى أمسكت بكتفيه وأقنعته بالعودة بعدما جلس في سيارته بشق الأنفس .

ويتهم يعلون عرفات بالتهرب من اتفاق وقف النار الذي أنجز في باريس، فلم يحضر حفل توقيعه في تلك الليلة، ويقول إ: طالما جسد   عرفات بكوفيته الثورة الفلسطينية حتى وفاته، ولم يكن بالإمكان الفصل بينه وبينها بعدما صاغ الفلسطينيين شعبا ووضعهم منذ الستينات على الخريطة العالمية رغم أخطائه والمناورات الكثيرة التي قام بها.

ويعتبر أن تشجيع عرفات للانتفاضة الثانية رغم اقتراب الفلسطينيين من بناء الدولة يدلل على رغبته في رفض تسوية الدولتين، ويرى بذلك استمرارا لرفض قراري التقسيم عامي 1937 و،1947 ويتهم محمود عباس بمواصلة نهج عرفات بأساليب مغايرة تحول ضعفه إلى قوة.
 
ويقول إن عرفات آمن بمناوراته وجدواها من خلال استغلال الحساسية الأوروبية في فترة ما بعد الكولينيالية لطرح قضايا الاحتلال بمصطلحات مكنّته من نزع الشرعية عن إسرائيل.

ويشير يعلون الذي طالما دعا الى "كي وعي الفلسطينيين بالنار" إلى أنه "قرأ كل كلمة حول عرفات وخلص لاستنتاج عميق بأن هدفه الاستراتيجي يتمثل بإقامة دولة فلسطينية من النهر حتى البحر، ولم يتنازل يوما عن كامل التراب الوطني، ويرى نفسه قائدا عربيا إسلاميا تاريخيا يقود شعبه نحو الانتصار على إسرائيل لا لتسوية معها من دون إعلان ذلك". 

ويتابع يعلون:ورغم كراهيتي الشديدة له لكنني قدرته بعدما صار من لا شيء قائدا آمراً ناهياً تمكن من خدمة أهدافه بذكاء، واستخدم المال في تعامله مع الفلسطينيين والإسرائيليين. ويضيف لكن عرفات ظل زاهدا ولم تعنه حياة الرخاء، مكرسا ذاته للقضية بشكل مطلق لا يمكن إلا أن تحترمه لأنه لم يفقد صلة العين بهدفه الاستراتيجي الأعلى طوال مسيرته حتى عندما انشغل بقضايا يومية عابرة.

ويزعم يعلون الذي يتجاهل ظروف رحيل الرئيس عرفات، أن انتفاضة القدس والأقصى أخطر حرب إرهابية بعد العام  1948 ويقول إن عرفات طرح تحديا وجوديا أمام إسرائيل لم ينته بعد رحيله.

ويضيف التحدي لا يزال ماثلا اليوم فالضغوط الفلسطينية المشتركة: إرهاب، ديموغرافية، وهجمات على شرعية إسرائيل، تواصل زعزعة أركان دولتنا كدولة يهودية ديمقراطية وللأسف فشلت القيادة الإسرائيلية في مواجهة الخطر”.

وفي كتابه الذي يسهب في تبيان خطورة تحول الإسرائيليين إلى مجتمع رخاء يبحث عن الملذات ويتهرب من التضحيات، يرى يعلون أن نظرية “خيوط العنكبوت” اعتمدت من قبل عرفات قبل تبنيها على يد الشيخ أحمد ياسين والسيد حسن نصر الله وأحمدي نجاد وبشار الأسد الذين يواصلون حرب الاستنزاف نحو تدمير القلعة من داخلها.

*رئيس اركان الجيش الاسرائيلي
"جريدة القدس – فلسطين 17-11-2008"