عكرمة صبري

2015-12-09


كلمة وفـــاء في ذكـــراه

   الشيخ الدكتور عكرمة صبري *

آمن بقضيته فحمل هّمها صغيراً وشاباً وشيخاً، وهبّها عمره وجهده وماله، طار بها إلى كل الآفاق، ودافع عنها دفاعاً شاقاً كلفه كثيراً من المصاعب والمشاق على كافة المستويات، تعرض للمؤامرات وللكثير من الطعنات إلا أنه استخف بكل ما كابده إيماناً منه بقداسة القضية وبنبل الوسيلة والغاية، واستهان بكل خصومه رغم عددهم وعتادّهم ورغم ضيق يده وبعده عن وطنه ومسقط رأسه، لم تزده المنافي إلا صلابة وإصراراً.

وعندما عاد إلى وطنه عاد شامخاً مرفوع الرأس راسخاً كالطود، موقناً بحتمية النصر المبين، فاوض وناور إلا أن قناعته قد رسخت لديه مع الأيام ومع المواقف أن الإسرائيليين لا يريدون السلام، ولأنه رفض الاستسلام ورفض الثوب الذي فصّلته اسرائيل على المقاس الذي تريده، حاصروه وحبسوه وفي نهاية المطاف كعادتهم في الجرأة على القتل والغدر قتلوه، فرحل شامخاً كما عاش، وانتهى عظيماً كما كان مع بداية تأسيسه لحركة فتح وللثورة الفلسطينية ولمنظمة التحرير الفلسطينية.

لقد فجعنا بموته بل بقتله، ولكنها النهاية الحتمية لكل حي، يقول تعالى :}إنك مَيّتٌ وَإِنّهُم ميّتُونٌ{  (الزمر 30)، وقال جلّ وعلا:"} وَلِكُلّ أُمّةٍ أجَلٌ فَإِذا جاء أَجَلُهُمْ لا يَسْتأْخَرُونَ ساعَةٌ ولا يستقدِمُونَ{(الأعراف 34).

إنها الرجعة الأكيدة إلى الحي الذي لا يموت، وأنه قضاء الله المبرم وحكمه الذي لا معقب له.

عرفته كريماً نبيلاً عالي الهمة، مؤمناً بربه ومخلصاً لقضيته ولشعبه، محباً للقدس ولأهلها باذلاً لهم كل ما يستطيع، والوفاء يدعونا أن نذكره في ذكرى رحيله.

رحم الله أبا عمار وأسكنه فسيح جناته وأجزل له العطاء والثواب ووفقنا للسير على خطاه حتى تحرير القدس وكل الأرض المغتصبة.

وإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
 

* المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية

العدد  من17نشرة"آفاق" عدد خاص التوجيه الوطني السياسي  11/11/2005    رام الله.