حديث صحافي لياسر عرفات حول اتفاق كامب ديفيد وقضايا عربية وفلسطينية [1979/3/19]

2015-12-07

س- حول تصور القائد العام للثورة الفلسطينية للوضع في المنطقة بعد التوقيع [توقيع المعاهدة المصرية الإسرائيلية] المرتقب.

ج- ستنفجر المنطقة بعد هذا السلام المزيف الذي يطالب به الرئيس كارتر مع السادات وبيغن . وأرجو أن يتذكر هؤلاء ما حدث في المنطقة العربية بعد اتفاقيات الهدنة.

فقد تعرضت الدول الموقعة للاتفاقيات إلى انقلابات وانفجار واغتيالات من قبل شعوبها.

هذا هو مصير كل من يحاول العبث بمستقبل امتنا العربية والشعب الفلسطيني وليتذكر السادات ماذا كان مصير النقراشي على يد الشعب المصري.

يجب أن يكون معلوما أن الأمة العربية لن تقبل بسلام المنهزم الذي يحاول كارتر وبيغن أن يفرضاه علينا.

لقد اعترف مرافقو الرئيس كارتر عند عودتهم أن النجاح الذي أحرزوه كان بسبب التنازلات عن الحقوق الفلسطينية.

والتاريخ لن يرحم هذه الخيانة من رئيس عربي تجاه الشعب الفلسطيني.

ولن يتسامح في هذه الجريمة النكراء من رئيس الولايات المتحدة الذي يتشدق بحقوق الإنسان في الوقت الذي تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني كاملة.

أول خطوات الرد ستكون في اجتماعات وزراء الخارجية العرب التي ستعقد في بغداد تنفيذا لما اتفق عليه في قمة بغداد وذلك لتطبيق الإجراءات المتفق عليها السري منها والمعلن.

ونحن سنصر من جانبنا على فرض مقاطعة بترولية على مصر لأننا لا نقبل بأن تأخذ مصر بترولا عربيا في الوقت الذي تعطي فيه بترولها المصري إلى إسرائيل.

س- هل بحثتم هذا الموضوع مع الدول العربية المنتجة للبترول؟ وإذا فعلتم فماذا كان الرد؟

ج- نحن نقوم ببحث هذا المطلب مع جميع الدول العربية وكذلك مع الدول الإسلامية والصديقة المنتجة للبترول. لكني لم أتلق جوابا حتى الآن لأنني بعثت برسائل حول هذا الموضوع أمس الأربعاء.

وأنا أتوقع جوابا على ذلك في اجتماع وزراء الخارجية العرب المقبل في بغداد.

س- ولكن ما هو الرد الفلسطيني المباشر على الاتفاق؟

ج- انتم تلاحظون أن شعبنا لم يهدأ منذ أن جاء كارتر إلى المنطقة سواء داخل الأراضي المحتلة حيث يتصدى بصدوره لدبابات جيش الدفاع الإسرائيلي خلال مظاهرات الاستنكار الشديد لهذه الجريمة.

وسقط نتيجة لهذا التصدي عدد من الجرحى والشهداء ونحن لدينا خطة مختلفة الأوجه لمواجهة هذه المؤامرة على شعبنا ومستقبل أطفالنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية التي بيعت بحفنة تراب سيناء.

والرئيس المصري ليس وحده بل شريكه في الجريمة هو الرئيس كارتر الذي تحدى مقررات الأمم المتحدة المتعلقة بالقدس متجاوزا بذلك المشاعر الإسلامية والمسيحية باعتباره أول رئيس أميركي يجري مباحثات في القدس معطيا الصفة الشرعية للاحتلال الإسرائيلي للمدينة المقدسة كما حضر اجتماعا في الكنيست متحديا مقررات الأمم المتحدة.

وأنا أتساءل ما هي الضمانة بعد الآن لأي كلمة تقولها أميركا في العالم باعتبارها قوة عظمى؟ بعد هذا الاستخفاف المشين بالأمم المتحدة ومقرراتها.

س- ماذا لو قامت الولايات المتحدة بمبادرة جديدة هدفها إشراك الفلسطينيين في المحادثات؟

ج- على قاعدة كامب ديفيد لن يقبل احد وللأسف فان الحكومة الأميركية لا ترى الآن إلا كامب ديفيد ساعية وراء انتصار مزيف ومؤقت من اجل عملية انتخابية تسحق فيها كل حقوق الشعوب.

س- أين أصبحت نتائج مهمة السناتور بول فندلي بعد اجتماعكم الأخير به في دمشق؟

ج- أولا السناتور فندلي لم يكن مكلفا بمهمة من الإدارة الأميركية وقد أجرى فندلي الذي أكن له كل احترام من خلال طرحه وإصراره على حقوق الشعب الفلسطيني اجري اتصالا هاتفيا أمس الأربعاء بمكتبي ولم أتمكن من التحدث معه بسبب تواجدي في الجنوب بعد تصاعد القصف الإسرائيلي .

فتحدث معه محمود اللبدي من مكتبي.

وأجرى هو بعد هذه المكالمة لقاء تلفزيونيا كان فيه كعادته ودودا وصديقا للفلسطينيين ومدافعا عن مصالحهم.

س- لماذا أوقفتم الحوار مع الولايات المتحدة عبر بعض العرب؟

ج- ليس هناك بيننا وبين الولايات المتحدة أي حوار. ولكن تصلنا بين الحين والآخر عبر بعض الدول العربية بعض وجهات نظرهم.

وقد وصلني مؤخرا تهديد من الولايات المتحدة بإثارة مشاكل كثيرة للثورة الفلسطينية وأعلنت هذا في خطابين وأنا استغرب كيف تلجأ دولة عظمى لمثل هذه الأساليب.

وليكن معلوما للجميع أن الثورة الفلسطينية هي التي تهدد. وليكن مفهوما أيضا انه ليس لدى الفلسطينيين ما يخسرونه.

وأتذكر هنا حكمة لأحد الزعماء الجزائريين قال فيها لو كنت فلسطينيا وكنت قنبلة لفجرت نفسي في العالم.

س- يقال بأن الاتحاد السوفياتي وعدكم بعدم توقيع معاهدة سالت إلا بعد حصولكم على الدولة الفلسطينية فما هي صحة هذا الخبر؟

ج- أولا لا يجوز التحدث في هذا الموضوع من جانبنا أن ما بيننا وبين الاتحاد السوفياتي هو علاقة صداقة وعلاقة نضالية ومعروف أن الاتحاد السوفياتي يدعم قضيتنا ويساعد شعبنا بمختلف الوسائل للحصول على حقوقه الوطنية.

ومن المعروف انه في آخر زيارة لي إلى الاتحاد السوفياتي صدر بيان مشترك بين الحكومة السوفياتية وبين منظمة التحرير وهو شيء ليس له مثيل ولا سابقة في الأعراف الدبلوماسية والسياسية.

س- هل أجريتم اتصالات مع الاتحاد السوفياتي بعد زيارة الرئيس كارتر إلى المنطقة؟ وماذا كان مضمونها؟

ج- الاتصالات مستمرة بيننا وبين الاتحاد السوفياتي منذ اليوم الأول لزيارة كارتر إلى المنطقة وبالفعل تبادلت مع القيادة السوفياتية عددا من الرسائل حول هذا الموضوع.

س- هل تعتقدون أن تصرف الولايات المتحدة في المنطقة يجري دون علم السوفيات معرضا الوفاق الدولي إلى مزيد من الانهيار؟

ج- لا شك أن تصرفات الحكومة الأميركية منفردة في هذه القضية وغيرها من القضايا وهم بهذا التصرف يدفعون العالم بعيدا عن الوفاق الدولي ومقتربا من حافة الانفجار.

س- يقال بأن منظمة التحرير لا تدخل تسوية لا يكون الاتحاد السوفياتي طرفا فيها فإلى أي مدى هذا صحيح؟

ج- نحن مع تسوية عادلة تضمن حقوقنا الوطنية الثابتة. ونحن أيدنا البيان السوفياتي الأميركي لدى صدوره. كما أننا دعونا إلى الالتزام بحل أزمة الشرق الأوسط من خلال الأمم المتحدة على أساس قرار 3236 وغيره من القرارات التي تناولت القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.

لان القرار 242 لم يتعامل مع الشعب الفلسطيني بل تعامل مع قضية اللاجئين التي فسرتها ورقة العمل الأميركية الإسرائيلية بعد لقاء موشيه دايان بالرئيس كارتر العام 1977 والتي سماها دايان معركة الست ساعات متحدثا خلالها عن اللاجئين العرب واللاجئين اليهود. وهذا تفسير لا يمكن قبوله مطلقا.

بعدها بيغن سمانا عرب ارض إسرائيل هذا القادم من بولندا يسمينا عرب ارض إسرائيل ولكني أقول له إذا استمر هتلر سيستمر وإذا نجح ايان سميث سينجح هو ليس هناك من شيء مستمر ضد منطق التاريخ لقد قالوا للعربي أخذت ثأرك بعد أربعين سنة فأجابهم استعجلت.

س- ماذا ستفعلون إذا قرر الملك حسين اللحاق منفردا بكامب ديفيد؟

ج- أنا لا اعتقد بأن الأردن سيلحق بكامب ديفيد بل سيبقى صامدا وقد أعلن الأردن أمس موقفا محددا بهذا المعنى.

والمحادثات مستمرة بيننا وبين الحكومة الأردنية فقد قام أبو اللطف بزيارة ناجحة إلى عمان في الأسبوع الماضي واليوم الخميس هناك وفد فلسطيني في عمان من الإخوة زهير محسن وعبد المحسن أبو ميزر وأبو مازن وعبد الرزاق اليحيى .

وسأقوم في الأسبوع القادم بزيارة إلى الأردن لمقابلة الملك حسين لإكمال المباحثات بيننا.

ويجب أن يعرف الجميع أن الاتفاق المصري الإسرائيلي ليس موجها فقط للشعب الفلسطيني بل كذلك إلى الأردن والى لبنان والى الأمة العربية كلها.

لقد فتح الرئيس المصري الباب العربي أمام المرابي الإسرائيلي بكل إمكانياته التجارية والاقتصادية والخدمات العامة.

وأنا في الحقيقة متخوف على الشعب المصري من هذه المؤامرة التي قام بها السادات بفتح أبواب مصر للحالمين ببناء الإمبراطورية الإسرائيلية في منطقتنا وسيكون حساب الشعب المصري وحساب التاريخ عسيرا.

ودور الشرطي الذي يحاول كارتر إيجاده بين مصر وإسرائيل لن ينجح فالشاه كان أقوى منهما مجتمعين.

أين أصبح الشرطي الإمبراطوري الآن؟ تائه لا يجد مكانا في العالم يذهب إليه. وهذا الشعب المصري مثل نيله هادئ وجميل ولكن الفيضان عندما يأتي يجرف كل شيء.

س- ألم تجر الحكومة المصرية معكم أي اتصال منذ بداية المرحلة الثانية من كامب ديفيد؟

ج- بالرغم من كل الادعاءات المصرية لم يحدث أن قامت الحكومة المصرية بتوضيح أو تبرير أو بشرح موقفها منذ زيارة القدس وحى الآن.

ونحن من طرفنا لم نحاول الاتصال بهم على الرغم من العلاقة القوية التي كانت تربطنا بهم قبل إقدام السادات على هذه الجريمة.

س- نعود إلى الأردن هل انتم على استعداد للذهاب في وفد مشترك بين منظمة التحرير والأردن إلى التسوية؟

ج- على أي قاعدة ؟ جنيف ؟ كامب ديفيد أنهى جنيف والرئيس الأميركي في إصراره على كامب ديفيد لم يلغ جنيف فقط بل تحدى الإرادة الدولية واتفاقه مع جميع الأطراف بما فيها الطرف السوفياتي وهو يمثل دولة عظمى.

ولكنني أعلن الآن ولأول مرة بأننا مستعدون لأي شيء عن طريق الأمم المتحدة.

س- أخ أبو عمار صدى التوقيع المرتقب انحصر بين لبنان والأرض المحتلة والكويت "وأكمل القائد العام وطهران" فما هو موقف الدول العربية الأخرى؟

ج- هناك ذهول عربي بسبب إقدام الرئيس المصري على هذه الجريمة النكراء لكن ليعرف الجميع بأن ردة الفعل قادمة.

س- ما هي في رأيكم ردود الفعل على لبنان في حال التوقيع؟

ج- لا شك إنهم سيحاولون خلق بعض المصاعب في لبنان سواء أكان ذلك على الشريط الحدودي أو الجنوب اللبناني ككل وفي الداخل أيضا.

خاصة وان إسرائيل ستستريح بعد توقيع المعاهدة من الجبهة الغربية وستركز قواتها على الجبهة الشمالية والشرقية.

[مقتطفات]
بيروت
(النهار العربي والدولي، باريس، 19/3/1979)