مقابلة لياسر عرفات مع التلفزيون الإيراني بمناسبة زيارته إيران [1979/2/23]

2015-12-07

س- الشعب الإيراني يحب أن يعرف تاريخ العلاقة بين الثورة الفلسطينية والثورة الإيرانية ومتى بدأت هذه العلاقة وهل كانت سياسية أو غير سياسية؟

ج- هذا السؤال يمس القلب والوجدان والضمير هذه الذكريات الطيبة بيننا وبين هؤلاء الثوار الإيرانيين وعلى رأسهم سماحة الإمام الخميني أنا اذكر لما بدأنا ثورتنا كان بعض المجاهدين وكنا في ضيقة وإذ تصلنا رسالة من سماحة الإمام يعطي فيها فتوى أن من يجاهد مع الثورة الفلسطينية ومع الثوار الفلسطينيين إنما هو من المجاهدين وثم بدأت هذه العلاقات تنمو أكثر فأكثر وأيضا هناك علاقات لا استطيع أن أقولها لأنها ليست ملكي وإنما هي ملك التاريخ ولكن أقول إننا إخوان في السراء والضراء والجرح يتواءم مع الجرح .

والأعمال التي تدفع هنا تدفع هناك هذه الصلة ليست سياسية لأننا إذا قلنا سياسية نقزمها إنها صلة إستراتيجية عميقة الجذور متشعبة الأبعاد ومن هنا عندما كتبت رسالتي إلى سماحة الإمام الخميني عندما عاد إلى إيران قلت له لقد جاء الحق وزهق الباطل وقلت بأن نور هذه الثورة سيعم على المنطقة لان هذه الثورة ليست ملك الشعب الإيراني وحده وإنما هي ملك الشرفاء والأحرار في العالم ولذلك نحن نقول دائما نحن ثورتان في ثورة واحدة وشعبان في شعب واحد وانطلاقا من هذا عرف أعداؤنا خطورة هذا الموقف وظهر هذا في تصريحات دايان عندما ذهب لمقابلة رئيس وزراء السادات في أميركا.

بالطبع يجب أن نفهم شيئا آخر وهو انتم مطاردون وثوار مسلمون كنتم تقاتلون ضد هذا النظام وكنتم تقاتلون معنا وهناك شهداء إيرانيون وهم يقاتلون معنا وهناك اسري إيرانيون في سجون العدو الصهيوني ولذا يعرف الأعداء أن هؤلاء عند انتصارهم سيفعلون أكثر لان الثورة الفلسطينية ثورتهم وانتصارها انتصارهم.

س- من الأجوبة التي تفضلت بها فهل هناك تأثير من هذه الثورة على الدول الغربية المعتدلة مع العلم بأن ديفيد اوين أعطى تصريحا مؤيدا للشاه؟

ج- يجب أن نعرف أن ما حدث في إيران قد حجب ما قبله لقد بدأ عصر جديد بكل ما تعني هذه الكلمة.

عندما جاءني مساعد الدكتور فالدهايم وكان هناك معركة ضخمة في الجنوب عندما قصف العدو المخيمات الفلسطينية والقرى اللبنانية ببشاعة وذهب ضحايا كثيرة واستمر القصف أكثر من أسبوع جاءني مساعد فالدهايم يتكلم عن الشريط الحدودي وكامب ديفيد فقلت له لا تسألني عن الشريط الحدودي وكامب ديفيد اسألني عن الثورة الإيرانية لأنها غيرت كل هذه الحسابات ويجب أن يغير كمبيوتر كيسنجر ولذا لا تحدثني عن الأشياء الصغيرة لقد بدأ الآن عصر جديد فعلا لقد بدأ عصر جديد.

س- الشعب الإيراني رغم حبه للقضية الفلسطينية كان يعيش في ظروف الدكتاتورية التي لم تكن تسمح له أن يعرف عن فلسطين فهل ترون في فتح سفارة لفلسطين هنا القيام بنشاط إعلامي لتعريف الشعب الإيراني عن القضية الفلسطينية؟

ج- أنا اختلف معك في هذا السؤال لان الشعب الإيراني الذي استشهد معنا ويقاتل معنا يعرف الكثير الكثير عن القضية الفلسطينية فقبل ثمان وأربعين ساعة كنا في بيت سماحة الإمام الخميني وإذا بطفل لا يزيد عمره عن سبع سنوات يدخل علي ويقول لي هل أنت أبو عمار فقال لي أنا احلم أن استشهد في فلسطين هذا يعني أن القضية الفلسطينية تعيش في ضمير الشعب الإيراني ولكن بلا شك المكتب ليس للمعرفة ولكن أعمق من ذلك  فانه دلالة على العلاقة الإستراتيجية التي تربطنا مع هذه الثورة وهؤلاء الثوار الأبطال بقيادة هذا الشيخ الثائر سماحة الإمام الخميني.

س- إن الشعب في الثورة يناضل بفئات مختلفة مثل الجبهة الشعبية لها آراء خاصة وكما حافظتم على وحدة الصف كيف ترى نفس الشيء في إيران وكيف ترى الدور الذي تقوم به القوى في إيران؟

ج- يجب أن نعرف التقييم الحقيقي للثورة الفلسطينية الثورة الفلسطينية هي فتح وليس لأنني القائد العام بل أنا الناطق الرسمي باسم فتح وقائد الثورة الفلسطينية بكل فصائلها.

فتح هي العمود الفقري للثورة الفلسطينية فالذي بدأ الكفاح المسلح هو فتح وبعد هزيمة 1967 الكل انهار والذي بدأ القتال مرة أخرى هو فتح والذي يحمي الوحدة الوطنية هو فتح أيضا وعندما قلنا في المجلس الوطني الأخير أن القرار الفلسطيني المستقل يمثله اثنان مستقلون وفتح صحيح أن هناك تنظيمات أخرى ولكن هذا من ديمقراطية الرأي ونحن أخذنا بالأسلوب الديمقراطي فالبرغم من مخالفتنا لها في الرأي ولكن بقينا دائما نحتفظ بالقرار ولا نحتفظ بالقرار لأننا أول من حمل السلاح بل لحجمنا العسكري والسياسي والتنظيمي ففتح 90% من القوات العسكرية للثورة الفلسطينية بكل فصائلها وفتح هي الثقل السياسي للثورة الفلسطينية وفتح لها مجموع الأصوات داخل التنظيمات الشعبية ونحن نسمح للآخرين ولكل التنظيمات بأن يقولوا آراءهم ولكن لا نسمح لهم أن يتدخلوا بالقرار خاصة وان بعض التنظيمات لها امتدادات داخل الجسم الفلسطيني ولذا نحن لا نسمح بأن يكون هناك وصاية على الثورة الفلسطينية ولا على الجسم الفلسطيني ولذلك كان بودي أن تسألني هذا السؤال هل تفضل أن يبقى القرار بيدكم أم لا؟ وبالطبع أنا لم اجب على السؤال ولكن تجربتنا نحن قد شرحتها لك وإذا أخذتم بها أخذتم طبعا لنا تجربة ديمقراطية في الثورة الفلسطينية.

 

[مقتطفات]

طهران،23/2/1979

(وفا، بيروت، 23/2/1979، ص2-6)