حديث ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حول بعض المسائل الراهنة [1978/11/12]

2015-12-07

ردا على سؤال استعداد منظمة التحرير الفلسطينية للحوار مع إسرائيل ودخولها في التسوية قال الأخ أبو عمار:

ج-منظمة التحرير الفلسطينية لن تجري جوارا مع إسرائيل فالمنظمة مرتبطة بما تقرره امتنا العربية من خلال مؤتمرات القمة ومؤتمرات القمة في هذه المسألة واضحة وصريحة سواء في الخرطوم أثناء لاءاتها الثلاث أو في الرياض عندما قالت قراراتها الهامة أو في مؤتمر القمة العربي في بغداد مؤخرا عندما أكدت قرارها بالمواجهة .

أما بالنسبة للتسوية المطروحة فإنا نرفض أن يجرنا كارتر إلى جر إليه غيرنا أن ما حدث في كامب ديفيد هو الاستسلام لشروط بيغن وترضية كارتر حتى يستطيع أن يجتاز الانتخابات الأمريكية وحتى يصل إلى إعادة انتخابه وذلك على حساب الحق العربي والحق الفلسطيني على حساب الشعب الفلسطيني والأمة العربية .

ومن هنا ترفض منظمة التحرير الفلسطينية مثل هذه الشروط المذلة والمهينة إن امتنا العربية لم تهزم والشعب الفلسطيني لم يهزم وإنكم تذكرون انه عندما هدد بريجنسكي منظمة التحرير الفلسطينية بقوله " وداعا للمنظمة" فقد دفع إلينا بثلث الجيش الإسرائيلي وبما يملكه من احدث الأسلحة الأمريكية التي لم تستخدم في أي منطقة أخرى من قبل مثل إف 15 وأشعة ليزر والصواريخ من نوع لانس روكيتس والقنابل العنقودية والنابالم "المحرمة دوليا" .

ومع ذلك لم نهزم بل صمدنا وقاتلنا واضطررنا الجنرال غور رئيس الأركان الإسرائيلي في ذلك الوقت أن يقول " ماذا افعل إذا كان أمامي أناس يريدون أن يموتوا " .

إذن نحن لم نهزم حتى نقبل بما يفرضه علينا كارتر أو بيغن أو غير بيغن أم امتنا العربية ما تزال تملك الإمكانيات للنصر إن كل امتنا كانت تردد تحية القدس والآن هناك شيء جديد انطلق أمس في امتنا وأول أمس في جبل عرفات حيث رددت امتنا الإسلامية شعاراتها لتحرير القدس .

س- أخ أبو عمار في هذه الظروف الحرجة التي تمر بها الأمة العربية ما هو تقديركم للموقف وهل ترون انه بالإمكان الخروج من هذه الأزمة التي تشهدها المنطقة في صورة يخسر معها الرهان الأمريكي على تمزيق الأمة العربية وتقف متماسكة في وجه هذه الظروف ؟

ج- إن الأمة العربية أعربت عن استعدادها لمواجهة هذه الظروف الحرجة الناجمة عن مؤامرة كامب ديفيد وأكدت تماسكها من خلال مؤتمر بغداد الذي يشكل اكبر رد على الرهانات الأمريكية الصهيونية ومؤامراتها ضد الأمة العربية ودليل ذلك القرارات الهامة التي صدرت عن هذا المؤتمر على كافة الأصعدة السياسية والمالية والعسكرية والإعلامية وغيرها.

هذه القرارات التي اجمع عليها معظم الملوك والرؤساء العرب تؤكد الرفض القاطع لمقررات كامب ديفيد وشعاراتها المزعومة في البحث عن السلام  وهنا لا بد أن أقول أننا لسنا ضد السلام ولكننا ضد الاستسلام نحن ضد سلام عصابة الإرهابيين الصهاينة بيغن وشارون وآلون لان هذا السلام المزعوم هو صك استسلام صك براءة وشرعية للعدو الصهيوني في احتلال الأراضي العربية .

من هنا فنحن مع السلام العادل القائم على الشرعية الدولية السلام القائم على استعادة الحقوق الشعرية والوطنية للشعب الفلسطيني في عودته وحق تقرير مصيره وإقامة دولته على ارض وطنه بقيادة ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية وقد نصت الشعرية الدولية على ذلك في قرارها رقم 3236 ولكن الولايات المتحدة وقفت ضد تنفيذ هذا القرار لأنه يطالب باستعادة حقوق الشعب الفلسطيني والأغرب من ذلك أن الولايات المتحدة تدعو إلى السلام والى استعادة حقوق الإنسان داخل أروقة الأمم المتحدة وتلوح بعصاها في الشرق الأوسط خارج أبنية الأمم المتحدة بل وتتنكر لهذه القرارات  الولايات المتحدة وقفت إلى جانب قرار إنشاء إسرائيل وقبولها في الأمم المتحدة كعضو فيها وتصدت لكافة القرارات التي تتحدث عن الشعب الفلسطيني وحقه في عودته إلى وطنه .

س- إزاء هذا الأمر ما هو دور الثورة الفلسطينية الآن ؟

ج- لقد حملنا السلاح في نضالنا العادل لاستعادة حقوقنا الوطنية وسنبقى نقاتل ونصعد من عمليات ثوارنا حتى يعترف العالم أننا شعب فقد أرضه ووطنه ولا بد أن يعود إليه ويعيش على ترابه كحق مشروع مثل أي شعب آخر في العالم والى جانب النضال العسكري سنناضل أيضا على الصعيد السياسي داخل وخارج الأمم المتحدة واعتقد أننا قد تقدمنا بخطوات واسعة في إيضاح الصورة المشرقة والشرعية لنضال شعبنا الذي أصبحت معه معظم دول العالم تعترف بشرعية هذا النضال وتتفهم قضية شعبنا .

س- ترى بعض الأوساط العربية والأجنبية إن تحقيق الوحدة الوطنية بين فصائل الثورة الفلسطينية سوف يتحقق على بعض الأصعدة فقط وان حدة الخلافات بين هذه الفصائل سوف تبقى الوحدة عرضة للانشقاق من جديد ما هو موقفكم تجاه هذه الآراء ؟

ج- لن استبق الأحداث ولكنني أقول إن المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية قد وافق على ميثاق هذه الوحدة وسوف يعرضها على المجلس الوطني الفلسطيني في اجتماعه القادم وأنا واثق من أن هذه الأحلام العربية والأجنبية سوف تصطدم بقرار الوحدة وتخسر كل رهاناتها ذلك أن شعبنا داخل فلسطين المحتلة عام 1948 وفي الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين وفي كافة مناطق الشتات قد أعلن إلتفافه حول منظمة التحرير الفلسطينية ويؤكد في كل يوم دعمه وتأييده المطلق لها . وليس بالضرورة في إعلان الوحدة الوطنية أن تتحد كافة فصائل الثورة الفلسطينية في تنظيم واحد إننا بالطبع نتفق تماما في العمل على تحقيق الهدف الذي انطلقت من اجله الثورة الفلسطينية ووقف إلى جانبها الشعب الفلسطيني هذا هو الأساس ولكن الخلاف بين هذه الفصائل هو ثانوي جدا وسوف تكون الوحدة لقلع هذا الخلاف من جذوره كليا .

إننا في الثورة الفلسطينية نتمتع بالديمقراطية الحقيقية وهذا شيء نفتخر ونعتز به وذلك أن من حق أي مناضل أن يقول رأيه في قضية ما من خلال ذلك نستطيع أن نتبين الخطأ والصواب في مسيرتنا النضالية الطويلة وانتم تعرفون أننا في الثورة الفلسطينية نحترم حرية الرأي ونعتبرها قوة تدفعنا إلى الأمام في تحقيق أهدافنا الوطنية النبيلة .

لنختلف في الرأي ولكنني واثق كل الثقة أن هذا الاختلاف بين بعض الفصائل لا يشكل حجر عثرة في مسيرتنا.

س- علمنا أن الأخ أبو اللطف سيتوجه قريبا إلى عمان لاستكمال المشاورات مع الأردن هل لديكم توضيح حول هذه القضية خاصة وانتم على أعتاب مناقشة الجمعية العامة للأمم المتحدة في قضية فلسطين ؟

ج- لم يصدر حتى الآن قرار يخول أخي أبو اللطف أو غيره بزيارة عمان والتباحث مع الملك حسين قد يكون أخي أبو اللطف على رأس وفد منظمة التحرير وقد يكون غيره لقد اتفقنا في اجتماعاتنا في بغداد أن تجتمع لجنة فلسطينية أردنية على مستوى عال للبحث في تفاصيل العمل المشترك من خلال قرارات الرباط والجزائر وبغداد .

س- هل تتوقعون من نتائج هذا اللقاء عودة المقاومة الفلسطينية إلى الأردن ؟

ج- طبعا وإلا لما كانت المباحثات انطلاقا من مقررات بغداد والجزائر التي تطالب بعودة المقاومة الفلسطينية إلى عمان وإحياء الجبهة الشرقية ضد العدو الصهيوني.

وردا على سؤال حول نتائج تصعيد النضال المسلح للثورة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني في الآونة الأخيرة قال الأخ أبو عمار:

ج- يكفي أن انقل لكم ما دار في لجنة الأمن والخارجية في الكنيست الإسرائيلي حيث قدموا إحصائية بما يكفلهم الأمن ومحاولة وقف عمليات ثوارنا حوالي احد عشر ألف جندي وشرطي وحرس إضافة إلى المليشيات المحلية هذا الجيش الضخم الذي جندته إسرائيل للحد من تصعيد ثوارنا داخل الوطن المحتل لم ... السلطات العسكرية الصهيونية يوميا ورغم ذلك فشلت كل محاولاتهم واستمر ثوارنا يوجهون عبواتهم ونيران أسلحتهم ضد المنشآت العسكرية والحيوية الصهيونية متحدين بذلك هذا الجيش وترسانة الأسلحة الصهيونية.

هذا داخل وطننا المحتل أما في جنوب لبنان في حرب الثمانية أيام كان ثلث الجيش الإسرائيلي بكافة معداته العسكرية والحديثة منها التي لم تستعملها إسرائيل في أية حرب من حروبها السابقة ضد الأمة العربية استخدمت ثلث الجيش الإسرائيلي في محاربة قوات الثورة الفلسطينية وهذا الجيش أيضا وقف عاجزا عن ضرب الثورة ومحاولة القضاء عليها واعترف قادة العدو بذلك في مناقشة نتائج هذه الحرب وخرجت الثورة الفلسطينية بانتصارها الرائع وأحبطت كل المخططات الصهيونية التصفوية .

س- في لبنان وزراء خارجية الدول المشاركة في قوات الردع العربية اجتمعوا ووضعوا عدة قرارات لحل المشكلة اللبنانية الفلسطينية هل حقق هذا المؤتمر أهدافه ماذا بخصوص تنفيذ هذه المقررات ؟

ج- مؤتمر بيت الدين لم ينعقد لحل المشكلة الفلسطينية اللبنانية لأننا لسنا طرفا فيما يحدث في لبنان إن مشكلة لبنان هي لبنانية وأطرافها لبنانية ونحن في الثورة الفلسطينية أعلنا استعدادنا في تقديم كل المساعدة والتسهيلات للشرعية اللبنانية ممثلة بالرئيس سركيس في التغلب على هذه المشكلة من اجل تنفيذ قرارات الرياض والقاهرة التي تنظم العلاقة بين الثورة الفلسطينية والسلطة اللبنانية وتحقيق الاستقرار للبنان ووحدة شعبه وأرضه وعروبته .

س- إذا عقدت إسرائيل مع مصر معاهدة منفردة كيف يمكن أن تواجه إسرائيل كونها تمثل قوة عسكرية خطيرة؟

ج- إسرائيل مدعومة بالولايات المتحدة الأمريكية سواء وقعت اتفاقا منفردا أم لم توقع لكن توقيع الاتفاقية سيعطي إسرائيل ميزات وتوفير قوات وجهد لاستخدامها ضد الجبهتين الشمالية والشرقية ونحن نعرف ذلك وهو ما يقلقنا لكن لا يثيرنا ربما تسقط أوراق لكن الجبهة لن تستسلم لقد وصل الألمان إلى مشارف موسكو ولم يستسلم السوفيات وحالات كثيرة مماثلة في هذا العالم حدثت لن نستسلم إذا سقطت جبهة من الجبهات .

إني أتذكر كلمات الملك عبد العزيز الله يرحمه عام 47/48 حينما قال ساعدوا الشعب الفلسطيني ولا تدخلوا الجيوش العربية ولو سمعوا كلامه ربما لم تسقط فلسطين وكما تعرفون دخلت الجيوش العربية والكثير منها سلم بقعا كبيرة للعدو في الوقت الذي أثار فيه الشعب الفلسطيني وبدأ يتسلح ويتدرب لمواصلة القتال وكثيرة من هذه الجيوش انسحبت من أماكن كثيرة بدون قتال بل عمدت إلى تجريد الشعب الفلسطيني من السلاح كما أننا لا يمكن أن ننسى كلمات الملك فيصل الله يرحمه الذي اعتبرناه شهيد القدس والذي قال لا بد أن أصلي في المسجد الأقصى وكيف كان الرد الإسرائيلي عليه :"نحن ندعوك للصلاة فيه ونوجه لك دعوة من اجل الصلاة في القدس " وقد رفض هذه الدعوة وقال إني أريد أن أصلي في القدس وهي محررة وليس كما فعل غيره عندما ذهب يصلي تحت الحراب الإسرائيلية ثم أن الحديث عن موقف ودور المملكة العربية السعودية من القضية الفلسطينية انه موقف ثابت وواضح تجاه الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني : حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة فوق التراب الوطني الفلسطيني وموقفها هذا لم يتغير في لحظة من اللحظات هذا إلى جانب الدعم الذي تلقاه الثورة الفلسطينية من المملكة العربية السعودية .

س- انتم دعوتم في منى بمقر المجلس الإسلامي للجهاد من اجل القدس وتحرير الأرض العربية هل لمستم تأييدا من الدول الإسلامية للثورة الفلسطينية وللجهاد؟

ج- إن دعم الدول الإسلامية للثورة الفلسطينية موجود رغم أن هذا الدعم قليل لكن الدعم موجود هناك مناضلون من أماكن إسلامية كثيرة من الباكستان وتركيا وماليزيا موجودون في صفوفنا ولكن بأعداد قليلة ونحن نقول للعالم الإسلامي وللمسلمين من شتى بقاع الأرض تفضلوا فالباب مفتوح على مصراعيه.

سؤال حول الرسالة التي حملها التهامي إلى تيدي كوليك حول ترميم المسجد الأقصى من جانب خبراء مصريين اثر حريقه عام 1969 ما موقفكم من ذلك ؟

ج- نحن نرفض هذا الأسلوب الذي يقبل بإشراف تيدي كوليك أو أي مسؤول صهيوني على إصلاح هذا الخراب نحن نريد آثارا كآثار الأندلس نحن نريد أماكن محررة نتعبد فيها بحرية كما كنا في العهود العربية والإسلامية وهذه الأماكن طالما هي محتلة فمن واجب المسلمين تحريرها وتحرير القدس ثم من كلف التهامي بنقل هذه الرسالة ؟ إن هذه الرسالة ليست رسالة شرعية حيث أنها لا تمثل الشرعية الإسلامية ولا العربية ولا الشرعية الفلسطينية حتى ولا الشرعية المصرية لان الشعب المصري يرفض ذلك.

أن نتباحث مع بعض إخواني لتشكيل لجنة فنية لدراسة وإعادة بناء منبر صلاح الدين الذي خرب أثناء الحريق ذلك يتم عقب تحرير القدس ومقدساتها لكن ذلك لم يتم بقرار من تيدي كوليك الذي حرق المسجد الأقصى ومنبر صلاح الدين ويحتل المقدسات وارض فلسطين وأراضي عربية أخرى .

س- كيف يتم تنظيم العمل الفدائي من جنوب لبنان؟

ج- هذا شيء تحكمه الاتفاقيات الفلسطينية اللبنانية من خلال اتفاقية القاهرة والرياض.


]مقتطفات[
جدة، 12/11/1978
(“وفا"، بيروت، 14/11/1978، ص5 )