حديث صحافي لياسر عرفات حول وضع حركة المقاومة الفلسطينية في لبنان لمجلة الحوادث [1978/5/26]

2015-12-07

س- لقد أصبحتم طرفا في الساحة اللبنانية ؟

ج- نحن لم نفكر أبدا في أن نكون طرفا في الساحة اللبنانية وبذلنا كل جهد ممكن لتجنب ذلك لقد وجدنا في لبنان نتيجة الظروف المعروفة ثم كانت اتفاقية القاهرة التي نظمت هذا الوجود وهي اتفاقية وقعها رئيس الجمهورية وقائد الجيش ووافق مجلس النواب اللبناني وضمنتها كل الدول العربية ولكن الفارق بين وعد بلفور واتفاقية القاهرة أن الحكومة البريطانية لم تتنكر لوعد بلفور وباستمرار كنا في موقف دفاعي ولم نتخذ أبدا موقفا عدوانيا أو الرغبة في تفجير الوحدة اللبنانية لأننا كنا ولا نزال نؤكد بان وحدة واستقرار لبنان هما مصلحة الثورة الفلسطينية ونحن لا ننسى للبنان انه أعطانا حرية العمل السياسي وفرصة مخاطبة الرأي العام العالمي .

س- ولكن الموارنة لا يستطيعون أن ينسوا الشعار الذي ارتفع خلال حرب السنتين والقائل "تحرير فلسطين يمر بجونية وعيون السيمان " .

ج- هذه كلمات انفعالية يقال مثلها وأكثر خلال المعارك وعندما يتوقف الحوار والحقيقة التي يجب أن لا ننساها هي وجود أزمة بين اللبنانيين سابقة على الوجود الفلسطيني ووجود عوامل ومخططات إقليمية ودولية استدرجنا من خلالها لكي نكون طرفا في القتال الذي لم نرده أن لم نقل أننا كنا الهدف لهذا القتال .

س- ولكن الطرف الماروني يقول أنهم لجأوا إلى السلاح لوضع حد للتجاوزات الفلسطينية التي مست سيادة لبنان .

ج- لقد سلمنا بوجود تجاوزات فليست هناك ثورة قامت بدون تجاوزات خصوصا في ظروف الثورة الفلسطينية والحصار الذي تواجهه في كل مكان وعدم وجود تقاليد للعمل المسلح الشعبي في الوطن العربي ولقد حاولنا بكل وسيلة ضبط هذه التجاوزات بالتعاون مع السلطة اللبنانية يوم كانت هناك سلطة .

س- انتم متهمون بأنكم أسقطتم السلطة في لبنان لأنه من الطبيعي أن تفضل الثورة العمل في ظل فراغ المؤسسات الشرعية وغياب والسلطة.

ج-ما أكثر الاتهامات التي توجه إلينا في لبنان وهي اشد على النفس الفلسطينية من المعارك وما تقوله كان يمكن أن يكون صحيحا لو كنا الثورة اللبنانية ولكن قضيتنا الأولى والأخيرة هي فلسطين والسلطة الوحيدة التي تعتبر أن مهمتنا هي تقويضها هي السلطة الصهيونية في فلسطين ففي لبنان ليست لنا مصلحة في إسقاط الشرعية لان وجودنا في هذا البلد هو وجود شرعي ولان سقوط الشرعية يفتح المجال لكل القوى المعادية لنا لكي تتحرك ضدنا في لبنان .عندما جاء الرئيس الياس سركيس إلى الحكم رغم معارضة اليسار اللبناني وتحذيره لنا بأنه مرشح القوى المعادية للثورة الفلسطينية فقد أيدنا ممارسته لسلطاته الشرعية وقبلنا حكما وبذلنا جهودا معروفة لتسهيل مهمته في إعادة بناء المؤسسات اللبنانية فهل ينطبق الموقف نفسه على الجبهة اللبنانية ؟ وأخيرا لا أخرا هل التجاوزات على السيادة اللبنانية تبرر هدم لبنان كله ؟

س- لنترك الماضي نحن الآن أمام أوضاع جديدة فالمفهوم أنكم قد أخرجتم من جنوب لبنان على يد الجيش الإسرائيلي وقوات الأمم المتحدة فما هو الحل ؟

ج- أولا لقد قاتلنا إسرائيل ثمانية أيام وأجبرناها على تحويل ما ادعت انه عملية بوليسية إلى حرب كاملة استخدمت فيها كل ترسانتها العسكرية من الطائرة ف 15 إلى قنبلة "البلي" المحظورة الأمر الذي أثار احتجاج حتى أنصار إسرائيل داخل الكونغرس الأمريكي أما قرار الأمم المتحدة فلا يتضمن أكثر من الإشراف على جلاء إسرائيل على الأراضي اللبنانية ولا يتضمن أية إشارة لإخراجنا من الجنوب وأية محاولة لتفسير قرار الأمم المتحدة رقم 425 على انه يعني خروج الإسرائيليين والفلسطينيين معا هي مطلب إسرائيلي .

س- هل يعني هذا إننا نعود إلى نقطة البدء في استمرار الوجود الفلسطيني المسلح على الأراضي اللبنانية وبالتالي إعطاء إسرائيل المبررات لاحتلال الجنوب وخلق فرص احتكاك في بيروت وغيرها ؟ بل توسيع أطراف الاحتكاك حتى تشمل قوات الأمم المتحدة ؟

ج- شوي شوي بالنسبة للأمم المتحدة لقد أعطيناها كلمتنا ونؤيد مهمتها لتحقيق سرعة إجلاء الإسرائيليين أما بالنسبة للمبرر فمنذ وعد بلفور والعرب يعرفون ويتحدثون عن أطماع إسرائيل في جنوب لبنان والعملية الفدائية الأخيرة التي تذرعت بها إسرائيل جاءت من البحر وليس من الأراضي اللبنانية ومع ذلك فالفلسطينيين وأصدقائهم من اللبنانيين هم وحدهم الذين دافعوا عن جنوب لبنان .

إن الثقل الأساسي للثورة الفلسطينية أصبح داخل فلسطين كل ما نريده من الدول العربية بما فيها لبنان أن تتيح لنا حق الوجود السياسي والإعلامي والسماح لنا بإقامة مراكز لتعليم أولادنا حقهم في وطنهم فلسطين وإعدادهم للدفاع عن هذا الحق .

س- المهم الآن هو كيف يمكن الوصول مع الجبهة اللبنانية إلى صيغة تفاهم تضع حدا للآلام اللبنانية والفلسطينية.

ج- ازاي .

س- من خلال زعامة إسلامية مسموعة الصوت عند المسيحيين .

ج- نحن مستعدون واعتقد أن هذا الصوت المسلم المسموع من المسيحيين هو صائب سلام ونحن على اتصال به وعلى استعداد لتسهيل مهمته بكل الوسائل .

س- ما هي الترضية التي يمكن أن تقدموها للمسيحيين من خلال صائب سلام ؟

ج- إنهم يطلبون بلدة الدامور ونحن على استعداد لردها إليهم شرط أن يعود إليها المهجرون من أهلها وليس المسلحون من المليشيات .

س- هل انقل هذا الحديث إلى صائب سلام ؟

ج- بل أطالبك بذلك .


"مقتطفات"
(الحوادث ،العدد 1125 ، بيروت ،26/5/1978 ، ص12 )