حديث لياسر عرفات حول بعض المسائل الراهنة لمجلة (فلسطين الثورة) [1977/8/30]

2015-12-07

قبل أيام حقق إخوانكم الفدائيون الأبطال انتصارا كبيرا ضد العدو الإسرائيلي وحلفائه الانعزاليين في أضخم واكبر معركة في الجنوب اللبناني. هذا الانتصار العظيم كان مفاجأة للجميع حيث تمكن الفدائي الفلسطيني من مواجهة آلة الحرب العدوانية التي كانت على محور العرقوب حوالي لواء مدرع.

لقد واجه الفدائي الفلسطيني والمقاتل اللبناني هذا الهجوم بصمود بطولي رائع افشل ما كان ينوي بيغن تحقيقه ضد قضية شعبنا وحقوقه في أرضه ووطنه.

إن هدف الحرب كشف عنه دايان الذي كان يجري محادثات مع فانس وكارتر حول قضية الشرق الأوسط.

إذا كان دايان ينتظر نتائج الحرب التي حددت لها إسرائيل في أقصى تقدير مدة 48 ساعة .

ولكن المفاجأة أن الـ48 ساعة مرت دون أن تتمكن قوات العدو من تحقيق أي هدف لها وخلال هذه الفترة خيم الصمت الإعلامي إسرائيليا ودوليا على ما يجري في الجنوب إذ كانت أطراف عدة تنتظر نتائج المعارك.

إن الصمود البطولي أيها الإخوة هو الذي اجبر العدو على فتح جبهة بنت جبيل في اليوم الخامس من المعارك وهو الذي اجبره على فتح جبهة الناقورة في اليوم السادس من الحرب واجبره على تكثيف حجم قواته العسكرية التي التحقت بها كافة القوات الانعزالية حيث بلغ حجم القوات المهاجمة ما يقرب اللواءين.

وان هذا الصمود هو الذي اجبر العدو على الاعتراف بدخوله الحرب . ولقد تعرضت مواقع القوات المشتركة في هذه المعارك إلى آلاف القذائف والصواريخ حيث كان معدل سقوط القذائف على بعضها ما بين 60-70 قذيفة بالدقيقة الواحدة.

وقد استخدم العدو مدفعية الـ175ملم وهي من احدث أنواع المدافع في المنطقة.

ومع ذلك صمد المقاتل الفلسطيني اللبناني وواجه بإمكانياته المحدودة والبسيطة آلة الحرب العدوانية وأنا أقول انه إذا لم يكن بحوزتنا الإمكانيات العسكرية الكبيرة إلا انه لدينا الإرادة الفلسطينية الشجاعة والبطولية التي قامت باغارات متعددة واقتحامات لمواقع العدو الإسرائيلي لتشتت قواته وتربك صفوفه وتعيق إمكانياته عن أي تقدم.

لقد أراد العدو خوض الحرب المحدودة في الجنوب فقط فقلنا لا بد من توسيعها وتعميقها ولا بد من ضرب العدو في العمق.

فإذا كان المخطط يهدف إلى تصفية منظمة التحرير الفلسطينية وحصر المعركة في إطار حدود الجنوب فنحن قررنا خوض المعركة الكبيرة.

ولذلك وصلت قذائفنا إلى عمق أعماق العدو في صفد وكريات شمونه وعكا وكارميئيل.

لقد كان الهدف هو تحطيم قواتنا لتحقيق مخطط إنهاء الثورة ولذلك كان الرد الفلسطيني بمستوى هذا الهدف وكان الصمود الفلسطيني بمستوى وحجم التآمر الذي نتعرض له ولقد صمدت الخيام 12 يوما وهذا ما لم يكن في حسابات احد سوى ذلك القاتل الشجاع الصامد.

إن انتصارنا في هذه الموجة من المؤامرة العسكرية والسياسية لا يعني عدم توقع موجات أخرى.

إننا نتوقع أن تبدأ المعارك ضدنا بعد انتهاء جلسات الأمم المتحدة. فنحن لدينا معلومات كافية عن وجود إعداد من رجال المخابرات الإسرائيليين مع عدد من العملاء في بيروت ينتظرون ساعة الصفر. وقد تبدأ المعارك بعملية عسكرية بعد أن تهدأ الضجة داخل الأمم المتحدة وقد يخططون لعمليات اغتيال على غرار ما حدث في فردان سنة 73.

لقد تحدثت معكم في وقت سابق وبعد عودتي من الاتحاد السوفيتي بأن ما تضمنه البيان المشترك بيننا وبين رفاقنا السوفيات جاء ضربة لكل الأطراف المعادية لحقوق شعبنا في أرضه ووطنه وإقامة دولته المستقلة.

لقد أعاد الاتحاد السوفياتي في البيان المشترك القضية إلى جذورها عندما نص على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى وطنه أي عودة لاجئي 1948 إلى فلسطين.

إن هذا الموقف كان سندا أساسيا لنا في مواجهاتنا التي خضناها خلال الأسابيع القليلة الماضية.

وأنا هنا أؤكد لكم مرة أخرى على أن علاقتنا مع رفاقنا في الاتحاد السوفياتي لن تتعرض إلى أية شائبة فهي علاقات مبدئية إستراتيجية علاقات نضالية.

ومن هذا المنطلق نجري المشاورات المستمرة معهم حول كافة القضايا وفي كل الأوقات وعلي أن أقول بأننا عندما ذهبنا إلى الاتحاد السوفياتي فإنما لنناقش معه ما يجري في المنطقة وما هو مطروح فيها من تسويات.

وهنا أنا أقول لأميركا بأن الاتحاد السوفياتي هو حليفنا الصادق الثابت على موقفه في تأييده لحقوقنا ولثورتنا.

لقد قلنا في المجلس المركزي أن الضرورة تقتضي المرونة في التكتيك والصلابة في الإستراتيجية ومن هنا نحن أمناء على الشعار أمناء على ممارسة الشعار.

إن العمل الثوري ليس كلمة في حد ذاته انه حصيلة نضالات ثورية ليست جميعها براقة وإنما بعضها غير براق.

وأنا اعرف أن هذا الكلام سوف ندفع ثمنه ولكن مع ذلك نحن نتخذ القرار وحدنا ويجب أن تكون لدينا الجرأة على اتخاذ القرار الذي يتوافق مع خطنا الاستراتيجي.

أقول هذا الكلام لأنه من الضروري اخذ كل شيء في الاعتبار ونحن واثقين من خطانا.

إن الانعزاليين الذين شدوا رحالهم مع أعداء امتنا العربية مع الإسرائيليين ثبت لهم أن هذه الهراوة التي يرفعونها ضد الوطنيين في لبنان وضد الثورة الفلسطينية وضد امتنا العربية لا تخيف أحدا.

 

[مقتطفات]
بيروت، 29/9/1977
(فلسطين الثورة، العدد214/219، بيروت، 30/9/1977، ص1)