حديث ياسر عرفات إلى التلفزة الفرنسية حول الأوضاع الراهنة.[1974/5/30]

2015-12-07

س1- كيف تقيمون الموقف الفرنسي من القضية الفلسطينية قبل جيسكار ديستان؟ وكيف تتصورونه مع ديستان وبعده؟ خصوصا معه الآن؟

ج1- بلا شك لقد تتبعنا بكل انتباه الانتخابات التي حدثت في فرنسا وخاصة بعد وفاة الرئيس بومبيدو والذي نعتبره امتدادا للسياسة الديغولية التي انتهجها الجنرال شارل ديغول والتي كانت أول سياسة في الأوقات التي تبعت الحرب العالمية الثانية والمتقاربة مع وجهات النظر العربية واستطاعت أن تتكهن عدالة القضية العربية وعدالة القضية الفلسطينية بوجه خاص ونستطيع أن نقول أن هذه السياسة التي عبر عنها الرئيس الراحل شارل ديغول ثم واصلها الرئيس بومبيدو قد لاقت في وجداننا وأفئدتنا وفي ضمائرنا نحن الثوار الفلسطينيون ونحن الشعب الفلسطيني تأثيرا حسنا وبلا شك أن هذه النظرة الجديدة التي بدأت تنتهجها الدبلوماسية والقيادة السياسية الفرنسية كان لها وقع جيد ومهم في داخل وبين صفوف شعبنا الفلسطيني وامتنا العربية ومن هنا كانت أهمية المعركة الانتخابية التي جرت أخيرا بعد وفاة الرئيس بومبيدو واهتمام الأمة العربية والشعب الفلسطيني بالذات بهذه الانتخابات نابع من فهمه لأهمية الدور الذي تلعبه فرنسا ليس فقط على الصعيد الفرنسي ولكن على صعيد السوق الأوروبية المشتركة وعلى الصعيد العالمي ونحن لا نستطيع إلا أن نذكر البيان الذي صدر عن دول السوق الأوروبية المشتركة وشدد على الحقوق الشرعية الوطنية للشعب الفلسطيني ونحن نعرف الدور الرائع الذي لعبته الدبلوماسية الفرنسية في إصدار مثل هذا التصريح وكانت لنا اتصالات في هذا الخصوص ونحن قبل إصدار هذا التصريح عرفنا بإصدار التصريح هذا الشيء يعطي أهمية للدور الفرنسي على صعيد العلاقات العربية الأوروبية وليس على صعيد العلاقات الأوروبية الفرنسية فقط.

ونحن نأمل من الرئيس الجديد ديستان أن يكون بنفس النمط والأسلوب الذي سار عليه الرئيسان السابقان شارل ديغول وبومبيدو وأنا متأكد أن الشعب الفرنسي الذي بدأ يتفهم خصوصيات القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني الذي طرد من أرضه منذ أكثر من 26 سنة ظلما وعدوانا بلا شك أن هذا الشعب الفرنسي بقيادته الجديدة سيظل واقفا مع الشعب الفلسطيني مع القضية الحق ومع القضية العادلة وان الأوقات القادمة ستثبت صحة ما أقول وأرجو أن تثبت صحة ما أقول.

س2- انتم اليوم على أبواب انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني ما هي أهم القضايا التي سيتم بحثها في المجلس؟

ج2- بلا شك إن هذا المجلس من أهم المجالس التي مرت في تاريخ القضية الفلسطينية وان هذا المجلس سيركز على معطيات المرحلة المقبلة ودراسة مرحلة ما بعد حرب تشرين الأول هي مرحلة انعطاف ونقطة انعطاف في تاريخ الأمة العربية والشعب الفلسطيني ونحن ندرك أن ما تلا تلك الحرب من تحركات فلسطينية وعربية ودولية له اثر مباشر في تاريخ ومستقبل الشعب الفلسطيني.

ومن هنا يدرك المؤتمر الوطني الذي سنعقد بعد أيام في القاهرة أهمية المرحلة الحالية ليس فقط بالنسبة لهذه المرحلة ولكن أهميتها بالنسبة لمستقبل الشعب الفلسطيني ككل مستقبل الأراضي الفلسطينية مستقبل المصير الفلسطيني مستقبل الثورة الفلسطينية كل هذه الأشياء نحن نقدر ومن خلال برامج وجداول الأعمال التي وضعناها لهذا المجلس تنحصر بخصوصية كبيرة هذه النقطة بالذات وبتقديري أن المجلس سيخرج بقرارات هامة على طريق الوحدة الفلسطينية من اجل وحدة الموقف الفلسطيني ربما نجد بعض الصعوبات وهذا لا يخجلنا بل يزيدنا فخرا لأننا نحن في الثورة الفلسطينية نؤمن أن الديمقراطية هي الأساس والحوار لذلك نحن لا نقلق كثيرا من الحوار الذي يدور بيننا وهو حوار ديمقراطي هادف بناء من اجل الوصول إلى الهدف المشترك.

س3- هل موضوع الحكومة الفلسطينية في المنفى من الموضوعات التي ستعالج في المجلس؟

ج3- الحقيقة أنا اعتبر أن هذا الموضوع سابق لأوانه وكل شيء كما قلت لك مطروح لقرارات المجلس الوطني ونحن نحترم هذه التوجهات الديمقراطية في داخل صفوفنا ما يقره المجلس الوطني هو الذي نسير عليه ونلتزم به.

س4- هل سيحصل انتخابات جديدة في هذا المجلس؟

ج4- في تقديري إن من الأشياء الهامة هو انتخاب لجنة تنفيذية جديدة وهذه إحدى المهمات الرئيسية المطلوبة من هذا المجلس.

س5- ما هي نظرتكم لمستقبل الأراضي الفلسطينية التي ستشملها أي تسوية قادة في المنطقة؟

ج5- يوجد توجه ولم يصدر قرار من المجلس الوطني هناك توجه أن أي شبر ينحسر عنه ظل الاحتلال الإسرائيلي يتم تحرير من حق الشعب الفلسطيني أن يقيم على هذا الجزء سلطته الشعبية والوطنية المستقلة المناضلة.

هذا الكلام لا يوجد عليه خلاف ونحن نصر أن هذه الأرض فلسطينية وستظل فلسطينية سواء أقبل بهذا الصهاينة أو لم يقبلوا.

إن ثورتنا قد رفعت شعارا حضاريا حين قالت إنها تناضل على المدى الاستراتيجي لإقامة دولتنا الفلسطينية الديمقراطية التي يتعايش فيها الجميع مسلمون ومسيحيون ويهود بمساواة وعدل وإخاء .

إن هناك أهدافا مرحلية وأهدافا إستراتيجية ونحن مصممون على جميع هذه الأهداف.

س6- على ضوء فك الارتباط في مصر وسورية ما هي تصوراتكم للوضع الفلسطيني بعد ذلك خصوصا في لبنان؟

ج6- نحن لا نستطيع أن نقول خصوصا في لبنان نحن نقول ما هو أهم بلا شك فإنه بعد فك الارتباط على الجبهة المصرية والسورية سينبثق ويبرز السؤال الفلسطيني كقضية أساسية فيما بعد في منطقة الشرق الأوسط .

السؤال ثم ماذا؟ ثم ماذا بعد؟ في تقديري أن هذا من أهم الأشياء التي ستكون ملحة في المرحلة القادمة إن الإجابة عن هذا السؤال محكومة بموازين القوى الفلسطينية والقوى العربية والدولية هذه الموازين مجتمعة هي التي تستطيع أن تقول لنا ماذا بعد بلا شك أن الموقف الفلسطيني هو موقف أساسي ورئيسي في تحديد ماذا بعد وطبعا لا يوجد احد يكشف أوراقه ولذلك أنا أرى أن نترك هذه الـ"ماذا بعد" حتى تستطيع الثورة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية أن تضع خطوط واضحة ومحددة لكل مرحلة من المراحل.

س7- هل تخافون من هذه المرحلة الجديدة؟

ج7- إن الثورة لا تخاف شيئا ولكن يمكن القول بأننا نعطي مزيدا من الانتباه للمرحلة المقبلة.

إن الذي يعطي دمه وحياته من اجل أهداف سامية ونبيلة من اجل مستقبل أولادنا ومستقبل أطفالنا ومستقبل نسائنا ومستقبل شعبنا لا نخاف ولكن بلا شك نحن نتحسب وننظر بجدية أكثر للمرحلة المقبلة فهي مرحلة مهمة ودقيقة وخطيرة.

س8- هل تعتقدون أن العمليات في الأرض المحتلة ستدفع الإسرائيليين للاعتراف بالفلسطينيين والتعامل معهم ؟

ج9- الثورة الفلسطينية ليست هي التي تطلب الاعتراف من العدو المفروض أن العدو هو الذي يحاول أن يحصل على الاعتراف به لانتا نحن أصحاب هذه الأرض بما تطرحه من مشاكل فان العدو قد ينتظر أن نعترف به أما نحن فلا ننتظر اعتراف العدو إلا إذا اجزنا للدخيل الاعتراف لصاحب البيت بحقه في البيت نعترف بالأصدقاء ونحن الذين نعترف بالأعداء وليس العكس؟ الشعب الفرنسي في أثناء المقاومة لم يكن ينتظر اعتراف النازية بوجوده فهو موجود أساسا ومقاومته شرعية فرضت وجودها وما كانت تنتظر أن تعترف بها النازية الفاشية كذلك الثورة الفلسطينية لا تنتظر أن يعترف بها عدوها.

س9- هل تستطيع أن تقول أن هذه العمليات الأخيرة هي لفرض وجود المقاومة؟

ج9- نحن لا نستطيع أن نحدد عملياتنا بذلك أنا أعلنت قبل تشرين الأول أكتوبر إننا سنركز على عمليات الداخل وقد كنت اعني ما كنت أقول وان هذه العمليات المتصاعدة داخل أرضنا المحتلة هي برهان على أننا لا نلقي الكلام جزافاً وإننا نعني ما نقول وان هذه العمليات تأتي كجزء من تكتيكاتنا لمواجهة هذا الخصم.

س10- هل هناك خلافات في الرأي بين القيادات التقليدية الفلسطينية داخل الأرض المحتلة وبين قيادة منظمة التحرير؟

ج10- لم تشهد الأرض المحتلة مثل هذا الطوفان الجماهيري الملتصق بالثورة الفلسطينية مثل ما شاهدته بعد حرب تشرين الأول أكتوبر خرجت الجماهير كلها تعبر أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وقيل هذا الكلام على جميع المستويات لشعبنا داخل الأرض المحتلة ونحن نذكر المذكرة لفالداهايم والتي وقع عليها كل الشخصيات الوطنية داخل الأرض المحتلة وكل رؤساء البلديات وكل رؤساء النقابات ونحن نذكر المذكرة التي رفعت للقنصل الاسباني باعتباره عميد القناصل الأجنبية في القدس من المجلس الإسلامي مؤكدة أن منظمة التحرير هي الناطق الرسمي والوحيد والمعبر عن الشخصية للشعب الفلسطيني نذكر ذلك كدلائل.

نذكر انبثاق الجبهة الوطنية الفلسطينية في داخل الأرض المحتلة والتي هي عبارة عن ذراع من اذرع منظمة التحرير الفلسطينية داخل الأرض المحتلة لذلك ليس لدينا مشكلات في هذا بل بالعكس نحن نحاول أن نتساعد ونتعاون مع جميع القوى الوطنية الشريفة داخل أرضنا المحتلة في جميع مستوياتها سواء القيادية أو الجماهيرية.

وبلا شك أن منظمة التحرير الفلسطينية والقرار الذي اتخذ في مؤتمر القمة الأخير في الجزائر ومؤتمر لاهور ومؤتمر عدم الانحياز كل هذه الخطوات تدل على صلابة الموقف الفلسطيني بكافة وجوهه سواء السياسية والدبلوماسية والشعبية وكذلك العسكرية.

س11- تكلمنا عن موقف فرنسا وديستان ولنتكلم كيف تقيمون المواقف الأوروبية الأخرى؟

ج11- إنني لا أريد أن أخوض كثيرا في الموقف الأوروبي ولكن بلا شك فان بعضها يقف موقفا عدائيا مثلا الموقف البريطاني الأخير وفي الحقيقة أدهشني تصريحات ولسون ووزير خارجيته لقد كانت تصريحاته عدائية بشكل لا يثير الدهشة فحسب بل أيضا الاشمئزاز لأنه تكلم كلمات كثيرة لا يصح أن تصدر عن رئيس وزراء على كل حال نحن لا ننسى أن الاستعمار البريطاني هو صاحب وعد بلفور الذي أقام هذه الدويلة اللاشرعية فوق جزء من ترابنا العربي.

س12- أنا لا أقول أن هناك تسوية سياسية أوروبا ستلعب ويجب أن تلعب دورا أساسيا في هذا الصراع العربي – الصهيوني ويجب أن تحدد موقفها بصراحة ووضوح لان هذا ستعتمد عليه طبيعة التعامل العربي الأوروبي على مدى ربع القرن القادم. وأنا أريد أن أقول أكثر من ذلك شئنا أم أبينا نحن نقتسم مع أوروبا البحر الأبيض المتوسط وكذلك توجد صلات قديمة جدا شئنا أم أبينا إننا ملتصقون بأوروبا شئنا أم أبينا .

إن هناك صلات أكثر من الصلات التجارية وأكثر من الصلات الاقتصادية هنالك صلات أخرى ثقافية بيننا ومن هنا يجب على الأوروبيين أن ينظروا بدقة وبانتباه وحرص وذكاء لمستقبل هذه المنطقة من خلال مواقفهم التي يجب أن تتفهم الصراع على حقيقته وأنا متأكد أن الشعوب الأوروبية وبالذات الشعب الفرنسي والشعوب الصديقة ستقف الموقف الصحيح الذي تمليه عليها مبادئ الثورة الفرنسية.

(وفا، بيروت، 30/5/1974، ص2)

ش