حديث صحافي لياسر عرفات حول بعض المسائل الراهنة. [1974/3/26]

2015-12-07

س- من المعروف أن مصر وسورية التزمتا بربط هدف استرداد أراضيهما المحتلة بهدف ضمان الحقوق القومية لشعب فلسطين فهل هناك اتفاق بينهما وبين المقاومة الفلسطينية على تحديد الصيغة السياسية لهذه الحقوق؟

ج- نعم هناك اتفاق من خلال قرارات مؤتمر القمة في الجزائر والذي حدد أن الدول العربية بشكل عام ومصر وسورية بشكل خاص باعتبارهما الدولتين اللتين خاضتا القتال عليهم جميعا الالتزام بهذا الهدف الخاص بالحقوق القومية لشعب فلسطين من خلال ما تقرره منظمة التحرير وما يهمني هنا التأكيد على الوحدة القائمة في الموقف المصري والسوري والفلسطيني بشكل أساسي هذه الوحدة التي يدعمها موقف عربي عام يشكل درعا لها.

إننا نؤكد على وحدة الموقف انطلاقا من فهمنا لحرب رمضان بكل معطياتها الايجابية فنحن نعتبر هذه الحرب بغض النظر عن بعض السلبيات فيها نقطة تحول تاريخية لامتنا العربية في صراعها الحضاري ضد الغزو الصهيوني البغيض.

ودعوني أقول لكم أن الثورة الفلسطينية التي تعاملت مع سلبيات حرب حزيران يونيو بكل ما فيها من ألم ومرارة ستتعامل وتتفاعل مع ايجابيات حرب رمضان منطلقة في تعاملها هذا من أنها شاركت من خلال صراعها الطويل على امتداد السنوات العجاف التي تلت هزيمة حزيران يونيو ومن خلال شهدائها وضحاياها وخسائرها في صنع النصر.

س- إن تأكيدكم على وحدة الموقف المصري والسوري والفلسطيني يطرح مباشرة موضوع الذهاب إلى مؤتمر جنيف. فحتى الآن يقال أن منظمة التحرير ستقبل الذهاب إلى المؤتمر إذا دعيت إليه والدعوة حاصلة من مصر وسورية والاتحاد السوفياتي على الأقل ولكن مؤتمر جنيف ينطلق من تطبيق القرار 242 الذي يعني إجراء مفاوضات وصلح مع الجانب الإسرائيلي فكيف تواجهون هذا الأشكال؟

ج- الثورة الفلسطينية لا يمكن أن تقبل قرار 242.

قرار 242 لا يلبي أي حد أدنى من حقوق الشعب الفلسطيني انه يتعامل مع قضية الشعب الفلسطيني باعتبارها قضية لاجئين بينما الثورة تدخل عامها العاشر وفي سنوات الثورة هذه استطاعت بنادقنا أن تحول الشعب اللاجئ من متسول أمام مكاتب وكالة الغوث إلى حشد من طوابير المقاتلين استطاعت الثورة أن تفرض قضيتها على الأحداث وعلى المنطقة وعلى الساحة الدولية ومن هنا من هذه النتائج من فوق هذه الأرض الصلبة والثورية ننطلق في تعاملنا على الصعيد الفلسطيني والعربي والدولي ولأن الأرض التي نقف عليها صلبة وثورية فإننا نعمل على كل هذه الأصعدة دون عقد.

س- هذا الموقف الفلسطيني الواضح هل هناك وضوح يماثله لدى الدول العربية؟

ج- على الدول العربية أن تتسلح بقرارات وميثاق الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين وبنضال الشعوب من اجل الحرية وذلك حتى تتمكن من الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني.

س- مع الموافقة على منطلقاتكم هل انتم مستعدون للذهاب إلى مؤتمر جنيف؟

ج- سألني كرايسكي عندما التقيت به هل أنت ذاهب إلى جنيف؟

أجبت هل هذا عرض؟

قال لا

فقلت له لست ملزما بالرد

س- ما هي الأسس العامة التي تحكم تحرككم؟

ج- أربعة أسس نرتكز عليها في كل تحركنا :

استمرار البندقية
لا تنازل عن الحق التاريخي
لا صلح
لا مفاوضات
س- ما هو دور ورقة العمل التي أعلن تبنيها من قبل فتح والصاعقة والجبهة الديمقراطية هل ستطرح على المجلس الوطني القادم لتكون إذا ما وافق عليها بمثابة برنامج عمل مرحلي جديد؟

ج- لا زالت ورقة العمل هذه وغيرها من المشاريع الأخرى المقدمة من فصائل الثورة الفلسطينية موضع بحث وحوار صحي وبناء في مختلف أجهزة الثورة الفلسطينية ومؤسسات منظمة التحرير وذلك من اجل الوصول إلى رؤية متقاربة أو موحدة لمواجهة متطلبات المرحلة المقبلة وبالطبع سيعرض كل هذا على المجلس الوطني ليتخذ قراره انطلاقا من ديمقراطية الأسلوب الذي انتهجته وتسير عليه الثورة داخل مؤسساتها.

س- وتشكيل حكومة منفى هل هو وارد على جدول أعمالكم؟

ج- أي شيء يتعلق بالمرحلة المقبلة هو من صلاحيات المجلس الوطني القادم.

س- داخل الأراضي المحتلة ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين منظمة التحرير الفلسطينية والجبهة الوطنية؟

ج- الجبهة الوطنية في الأرض المحتلة جزء لا يتجزأ من منظمة التحرير طبقا لقرارات المجلس الوطني ولتوجيهات اللجنة التنفيذية وهي بالتالي ذراع من اذرع المنظمة العاملة في الأراضي المحتلة تتقيد وتلتزم بالخط السياسي الذي تقرره اللجنة التنفيذية تعبئ قوى شعبنا في الأرض المحتلة وتقودها وتتصدى لمؤامرات إسرائيل والحكم الأردني.

س- كيف تتصورون عمليا مصير الضفة الغربية وقطاع غزة؟

ج- عندما انعقد المؤتمر الشعبي والمجلس الوطني في نيسان ابريل 1972 اثر قيام الملك حسين بالدعوة لمشروعه المسمى المملكة المتحدة صدر قرار بإجماع المجلس والمؤتمر يقضي برفض هذا المشروع وأبرزت القرارات آنذاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره فوق أرضه بعيداً عن وصاية الملك أو العرش الهاشمي كذلك أبرزت القرارات ضرورة النضال المستمر لتحرير هذه الأرض وزوال الاحتلال عنها وفرض إرادة شعبنا عليها ولذلك كان التوجه بأن مصير الضفة والقطاع يتقرر على أساس حق شعبنا الفلسطيني في تقرير مستقبل هذه الأراضي وإقامة السلطة الوطنية عليها.

س- في ظل السلطة الوطنية ما هي الفرصة القائمة لاستمرار النضال الفلسطيني؟

ج- مهما تكن هوية السلطة التي ستقوم على الأرض التي ينحسر عنها ظل الاحتلال فإنني لدى مواجهة مقاتلي وثواري سأقول للبندقية اتجهي أيتها البندقية إلى الأرض الحنون ارض الوطن ارض فلسطين.

والى الذين يسألون عن الضمان أقول أن الضمان ماضيا وحاضرا ومستقبلا هو المقاتل ولا احد غيره. إن المقاتل هو ضمان البندقية في كل وقت .

س- ومصير القدس بشكل خاص كيف تتصورونه؟

ج- القدس؟ أي انحسار لظل الاحتلال الإسرائيلي لا يشمل القدس هو انحسار مبتور لما للقدس من أهمية دينية وتاريخية وقومية وحضارية وهذا التزام فلسطيني.

لقد حدد مؤتمر القمة العربي الأخير أن من أهم نضالاته المرحلية هو تحرير القدس وها التزام قومي وعربي ثم جاء مؤتمر القمة الإسلامي في لاهور وجاء اشتراك وفد مسيحي لأول مرة في مؤتمر إسلامي كهذا ليكون بمثابة تظاهرة إسلامية مسيحية هي الأولى من نوعها وقد أكد هذا المؤتمر تمسكه بالنسبة لمستقبل القدس والإصرار على عروبتها وهذا التزام إسلامي ومسيحي.

س- الملك حسين ينشط كثيرا هذه الأيام والمعلومات المتواترة تقول انه على استعداد للاعتراف لمنظمة التحرير الفلسطينية وبعض الحكام العرب يتحمسون لذلك ويقولون أن هذا الاعتراف سيفتح الباب لتعاونكم مع النظام الأردني لمواجهة التطورات المقبلة بصورة مشتركة ما هو موقفكم من كل ذلك؟

ج- الثورة الفلسطينية ليست في انتظار اعتراف النظام الأردني بها إنها الممثل الشرعي لشعبها ولقد عمدت شرعيتها وتمثيلها لشعبها بدم آلاف الشهداء وآلاف الجرحى وآلاف المعتقلين وفي مواجهة النظام الأردني للثورة كانت هناك مآس ومذابح دفع شعبنا ثمنها وشرب مرارة الكأس منها حتى الثمالة ولكن نحن ننطلق بالرغم من كل هذه العذابات من مصلحتين متوازيتين مصلحة شعبنا الفلسطيني ومصلحة امتنا العربية .

ولكن نظرتنا للنظام الأردني جانب واحد من المسألة الجانب الآخر والاهم العلاقة بين شعبينا إنها علاقة وحدوية أصيلة وهي علاقة لم يقررها تشرشل كما جاء في مذكراته ولم توحدها مقررات مؤتمر أريحا إنها علاقة منذ أيام الكلدانيين والكنعانيين مرورا بمعركة مؤتة واليرموك وانتهاء بيومنا هذا إنها علاقة الشعب الواحد والأمة الواحدة لهذا فإن أي طبيعة لهذه العلاقات يجب أن تقوم في مفهومنا على أسس ثورية صحيحة لا تحددها دساتير وضعها تشرشل أو أملتها ضغوط معاهدة سايكس – بيكو التي قسمت وطننا العربي إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية ومن هنا ننطلق في نظرتنا لكل ما يقال عن العلاقة الفلسطينية – الأردنية متخطين في هذا التحركات التي يقوم بها النظام أو يدور في فلكها الملك.

س- يقال إنكم ستزورون موسكو قريبا فما هي طبيعة العلاقة القائمة حاليا بينكم وبين الاتحاد السوفياتي؟

ج- علاقتنا مع الاتحاد السوفياتي قوية وأصيلة نمت من خلال الحوار البناء والتفاهم المشترك بيننا وبين الذي يدعم قضيتنا الآن بقوة على جميع المستويات اللقاءات بيننا وبين المسؤولين السوفيات لم تنقطع في السنتين الأخيرتين بل كانت مستمرة وفي أكثر من مكان آخرها اللقاءان اللذان تما في القاهرة ودمشق مع الرفيق عروميكو وبحثنا فيها عددا من القضايا التي تهم فلسطين والشرق الأوسط بصراحة كاملة وبوضوح تام وقد وجهت لي دعوة جديدة لزيارة الاتحاد السوفياتي وترك لي تحديد موعدها.

س- على ذكر السوفيات ما هي الحقيقة حول الكلام الذي قيل عن اجتماعكم مع كيسنجر في أسوان؟

ج- أنا لم أقابل كيسنجر في أسوان وفي اللحظات التي وصلت بها طائرة السيد كيسنجر وزير الخارجية الأميركية إلى أسوان كنت قد غادرتها لقد أعلنت في السابق إنني باعتباري ممثلا للشعب الفلسطيني ورئيسا لمنظمة التحرير فأنا ارفض أن يتم لقائي مع كيسنجر أو مع غيره من المسؤولين في العالم في الخفاء وأنا أصر احترما لهذه الصفة التي احملها أن تكون لقاءاتي علنا وجهارا كما حدث مع كرايسكي وتشاوشيسكو وميتران وغيرهم.

س- كرايسكي لم يخرج مرتاحا من اللقاء معكم كما ظهر من تصريحاته؟

ج- لقد شرحت لوفد الدولية الاشتراكية موقفنا وكان ذلك بحضور السيد محمود رياض الأمين العام لجامعة الدول العربية والسيد حافظ غانم الأمين العام للجنة المركزية في الاتحاد الاشتراكي العربي وبعد الشرح أعرب كرايسكي عن تفهمه لما شرحته كما عبر زملاؤه عن عميق تفهمهم ولذلك استغرب تصريحاته عند مغادرته الأراضي المحتلة والتي قال فيها انه لم يفهم ما الذي يريده الفلسطينيون.


[مقتطفات]
بيروت
(السفير، بيروت، 26/3/1974)