حديث ياسر عرفات حول مشروع المملكة العربية المتحدة والانتخابات البلدية في الضفة الغربية. [1972/3/29]

2015-12-07

س- ما هو رأيكم بالأخطار المباشرة التي ترون أنها يمكن أن تترتب على مشروع الملك حسين هذا المشروع إلي يشكل المحاولة الأخيرة في سلسلة المحاولات التي نفذها الملك حسين ضد الثورة الفلسطينية والتي كانت مجازر أيلول سبتمبر التي يعرفها الجميع جزءاً منها؟

ج- إن الثورة الفلسطينية التي ناضلت سبع سنوات كاملة اجتازت خلالها حزيران يونيو بهزيمته المدمرة كما اجتازت أيلول سبتمبر بمذابحه البشعة التي فاقت كل حدود الاحتمال هذه الثورة التي استطاعت رغم ذلك أن تنظم قوتها مرة أخرى لتستمر في نضالها وتجتاز سبع سنوات من عمرها سوف تظل تناضل وسوف تصر على النضال حتى التحرير.

إن معركتنا مع العدو ليست معركة عسكرية إنما هي معركة حضارية معركة أن تكون الأمة العربية أو لا تكون المعارك التي نخوضها هي معارك حضارية كالمعركة التي خضناها في السابق بيننا وبين التتار وكالمعركة التي خضناها ضد الصليبيين هي أيضا معركة حضارية وهذه المعركة التي نخوضها كذلك فإنها معركة حضارية.

إن مشروع الملك حاول أن يكون براقا وان يرضي الفلسطينيين يقول انه يريد أن يعمل للفلسطينيين حكومة ذاتية وأراد أن يقول للفلسطينيين إنني أريد أن أقدم لكم القدس وحكومة إقليمية ضمن حكومة مركزية يرئسها الملك الهاشمي معنى ذلك أن الملك غير في اللعبة غير في الأوراق التي أمامه .

إنها محاولة مشبوهة لمداعبة الفلسطينيين وقام بمحاولة تزوير إرادة الفلسطينيين لماذا؟

في سنة 48 اخذ العدو اعترافا دوليا وأصبح عضوا في الأمم المتحدة.

في سنة 67 من خلال قرار 242 هناك اعتراف بسيادة العرب إذن هي تسعى الآن للاعتراف الأساسي وهو الاعتراف الفلسطيني الاعتراف الفلسطيني كيف يأتي؟ هل من خلال الثوار الفلسطينيين؟ الثوار الفلسطينيين يقولون أن بنادقنا ستظل معنا مشرعة لغاية النصر إذن لا بد من تزوير إرادة الجماهير الفلسطينية من خلال الانتخابات التي تجري في الضفة الغربية ومشروع الملك هما أمر واحد ولكنهما عملية ظهرت في فصلين غير أنها مسرحية واحدة عنوانها تزوير إرادة الشعب الفلسطيني . فعندما أعلن العدو عن الانتخابات عارضها الملك لمدة يومين ثم بعد ذلك صمتوا صمتا عجيبا والأكثر من هذا أن الملك حسين قد انزل قوائم يقال عنها قوائم أردنية يعرفها أهلنا في الضفة الغربية ويقولون هذه هي القوائم الأردنية وهذه هي القوائم الإسرائيلية هؤلاء أذناب يتبعون حكم الأردن وهؤلاء عملاء يتبعون الحكم الإسرائيلي .

إن الملك لم يقف ضد الانتخابات بل اشترك فيها وقد حدثت اتصالات فقد جاء وفد من الضفة الغربية قابل الملك حسين وأرسل هو وفدا إلى الضفة الغربية.

إن هذه كلها عملية متناسقة هدفها نقطتان:

أولا: تزوير إرادة الفلسطينيين ثانيا: محاولة سحب البساط من تحت أقدام الثورة الفلسطينية ومن تحت الثوار ومن تحت البنادق وأنا أقول البنادق في الثورة الفلسطينية لأن هناك مناضلين عربا يشاركون إخوانهم الفلسطينيين في الثورة الفلسطينية بمناسبة سحب البساط أريد أن اسأل هل هناك في هذا المشروع ما يهدف إلى تفتيت المقاومة الفلسطينية؟

هو في الحقيقة تفتيت المقاومة لا يأتي الآن في سنة 1967 قابل موشيه دايان صحفي فرنسي وكانت أول معاركنا التي استشهد فيها مساعدي العسكري وهو النقيب مجاهد اذكر أن الصحفي الفرنسي قابلني بعد ذلك وقال لي مضمون المحادثة التي جرت بينه وبين دايان قال له الفرنسي إنني أرى أن هناك معركة وان هناك مقاومة؟ فأجابه دايان بكل صلف وكل غرور قائلا: إن المقاومة كالبيضة في يدي اكسرها متى أريد.

لكن عندما جاءت معركة الكرامة واستمرت الثورة سنة وراء سنة طبعا أصبح العدو الإسرائيلي يرى أن عملية تفتيت المقاومة عملية صعبة. وقامت الثورة الفلسطينية ويحاول العدو الصهيوني وعملاء العدو الصهيوني في الدول العربية تصفية المقاومة ثم ظهرت هذه العملية بشراستها في أيلول سبتمبر ثم ظهرت شراستها في جرش وعجلون وأنا اذكر بأنه وقع في يدي في ذلك الوقت تقرير للمخابرات المركزية يقول بأنه لن يمضي الشهر العاشر إلا والثورة الفلسطينية قد انتهت.

لقد تذكرت هذا التقرير وأنا في المعركة الأخيرة في جنوب لبنان فابتسمت في العرقوب بقينا أربعة أيام متواصلة صمدنا ليلا نهارا وبحفنة بسيطة غير متكافئة من الأسلحة التي توجد عندنا ليس عندنا دبابات ولا طيارات ولا صواريخ ورغم ذلك صمدنا أربعة أيام.

تذكرت هذا التقرير وخاصة بعدما سمعت من دايان يقول بأنه لا يمكن القضاء على الثورة الفلسطينية لا بحملة ولا بحملتين ولا بثلاث.

إذن عملية تفتيت الثورة الفلسطينية هي عملية ستبقى مستمرة ولكنها تظل محاولات كتلك التي يتحدث عنها القائد الأميركي حين يقول بعد فترة سأقضي على الثورة الفيتنامية ومثل الذي قاله القادة الفرنسيون سنسحق الثورة الجزائرية إن الثورة ليست ملك أشخاص إنما هي ملك شعوب وان الشعوب عندما تعرف طريقها لا يستطيع احد الوقوف في وجهها .

إن المخططين الاميركان قد وضعوا تصورا لمنطقتنا العربية يقول بأنه في سنة 1980 سيجري تقسيم المنطقة العربية إلى أقسام إلى ثلاث دوائر : الدائرة الأولى مركزها إسرائيل وفيها العقل والمركز العلمي والصناعي . الدائرة الثانية هي دائرة الأيدي العاملة والتي بدأت بوادرها من آلاف العمال الذين يأتون من الضفة ومن القطاع ويساهم في هذه الدائرة الملك الذي لم يكتف بالعمال الذاهبين من الضفة وقطاع غزة بل أرسل آلاف العمال من الضفة الشرقية إلى إسرائيل.

إذن الدائرة الأولى هي دائرة العقل والقيادة والصناعة الثقيلة.

والدائرة الثانية هي دائرة الأيدي العاملة ثم الدائرة الثالثة هي الدائرة المركزية وهي التي تمثل بعض دول إفريقيا كدول استهلاكية وأظن بأنك تعرف كيف انه بيننا وبين إسرائيل صراع ولا أظنك إلا متصورا هذه العملية التي هدفها إقامة حلف صهيوني فلسطيني أردني يعتبر بمثابة بوابة تنفذ من خلالها البضائع والنفوذ الصهيوني إلى المنطقة.

لذلك نجد غولدا مئير تقول ليس هناك في المنطقة العربية من هو مؤهل أن يتصالح معي على مائدة المفاوضات حصتي الملك حسين وأنا لا أرى إطلاقا أن اقبل بفلسطين الديمقراطية لأن الدولة الديمقراطية تعني نهاية إسرائيل إذن فان الملك يطرح علينا فلسطين مشوهة يعرض أن يتنازل أبناء فلسطين عن ارض الآباء والأجداد.

إن فلسطين ليست ملك هذا الجيل حتى يتصرف فيها فلسطين ملك أجدادنا من أيام صلاح الدين ومن أيام خالد بن الوليد لا يقدر احد إطلاقا أن يتصرف فيها لا طرف فلسطيني ولا طرف عربي ولذلك العملية هدفها أن يوقع الطرف الفلسطيني ويوافق لهم من خلال هذا التوقيع على الاعتراف لهم بالبقاء وعلى الاعتراف بأننا بعنا فلسطين ويضمن الملك بذلك لإسرائيل أن تكون المسيطرة على العالم العربي كاملة ترس السيف ينفذ منها العدو الصهيوني ليصب بقوته ومخططاته على الأرض العربية قد يقول احد إن هذا الكلام غير معقول.

إن هذا المشروع ليس مشروع الملك حسين خطأ أن نسميه مشروع الملك حسين انه مشروع آلون – حسين – سيسكو لماذا؟ لأنه مشروع يغئال آلون في الأساس بل إن فيه تنازلات أكثر من مشروع آلون. تصور انه بالمشروع سيأتي إلى هذه الدولة المشبوهة التي اسمها القطر الفلسطيني 150 ألف فلسطيني من الذين لم ينزحوا سنة 48 يعني هذا انه بينما نحن نريد أن نزيد سكان فلسطين المحتلة 48 يريدون هم أن يقلصوا عددهم هذا من جهة ومن جهة ثانية فان مناطق الأغوار ليست للفلسطينيين أيضا لأن العدو أقام سبع وثلاثين مستعمرة على النهر ثم ذلك الشريط الضيق الذي تضيع معه قلقيلية ومناطق بلعا وجنين وطولكرم ويسيطر على قمم الجبال وليس هذا فقط بل هناك ممر إلى الخليل وأكثر من هذا طبعا هناك القدس .

إن المشروع يعطيهم كل القدس وليس لديهم أي مانع أن يضعوا الفاتيكان في القدس انه الحرم نرفع عليه أربعة أعلام كأن العملية علم كأنه وبقية القدس لا يوجد لنا علاقة فيها الأماكن المقدسة يرفع عليها أربعة أعلام حسب تفاصيل المشروع.

ثم منطقة غزة بتخطيطهم تتصل بالضفة الغربية ورفح وخان يونس بترحل سكانها ما بين الأرض المصرية والخطة في منتهى الخطورة والأخطر من هذا انه ليس من حق إسرائيل أن تقيم أماكن عسكرية لأن الأماكن العسكرية تكون هدفا ولكن من حق إسرائيل وبدون إذن إن تسير دوريات داخل الضفة الغربية.

وبعد ذلك غزة والضفة الغربية تكون مجردة من السلاح . ثم اخطر من هذا انه يهدد الأرض العربية ككل لأنها تكون البوابة أو الجدار الذي كان منذ 21 سنة بيننا وبين العدو يزاح هذا الستار وتصبح إدارة الضفة الغربية إدارة عامة وتصبح عبارة عن البوابة للعدو. وبعد أيلول سبتمبر وبعد أن ضربت الثورة الفلسطينية ارتفعت صادرات الضفة الغربية التي لم يوجد بها أي مصنع إلى 35 مليون دينار في السنة معنى هذا انه تسرب بضائع إسرائيلية إلى الأراضي العربية. لما أرادوا أن ينشئوا خط بار – ليف في الجبهة المصرية ماذا عملوا الحديد اللي كان عاوزين يعملوه خوفا من الخسائر اللي كان يوقعها بهم الجيش المصري كانوا يحتاجونه بسرعة فبدأوا إحضار الحديد عن طريق الضفة الغربية حديد من صنع عربي طيب هذا الكلام قبل عملية الخط فما بالك بعد إقامة القطر المزيف وبعدين يقول الملك حسين في مؤتمره الصحفي كأنه يحاول أن يسخر من عقولنا يقول انه يعني أنا اعمل هذه العملية بعد التحرير وسمعت مقاله وفي نفس المقابلة الصحفية يقول أنا عندما أريد أن أحارب محدش بيجرني على الحرب طيب كيف يريد أن يعمل مشروعه بعد الحرب وبعد التحرير هل هذا بيجي بدون حرب.

س- عايزين نعرف قصة الانتخابات في المجالس البلدية في الضفة الغربية.

ج- بداية الحديث قلت انه العملية مترابطة وهموا قالوا والله العملية بلدية ولكنها هي عملية سياسية أول حاجة من وجهة نظر القانون الدولي هذه الانتخابات لا شرعية لأنه هل أنا استطيع أن أروح أترشح عن بلدية أريحا مثلا هل يستطيع مواطن بسيط يروح يترشح في بلدية نابلس لا لأنه في احتلال فالقانون الدولي لا يعطي لإقامة مثل هذه الانتخابات تحت أي ضغط فما بالك عندما يكون ضغط الاحتلال شرعية إذن تكون الدولة ضدهم ولكن أنت بتعرف انه عندهم وسائل الإعلام وإرادة الشعب الفلسطيني عندما تخرج منه فئة هي فئة متعاونة معه لتلتحم مع مشروع الملك حسين ولكن أنا متأكد وأنا أقول هذا الكلام نيابة عن كل إخواني الثوار انه ما في شريف ممكن أن يقدم على مثل هذه العملية .

هذه العملية خيانة إذا كان بعض أهلنا مغشوشين وأنا أقول لهم بأن الثورة لا يمكن إطلاقا أن تقف مكتوفة الأيدي والحمدلله انه بدأت ردود الفعل من خلال الناس الذين تفهموا هذه العملية ورفضوها ومثال ذلك نابلس وهذه نابلس نحن أسميناها جبل النار رجعت نابلس لتكون جبل النار مرة أخرى وموقفها من الانتخابات مشرف.

أيها الإخوة

إن تحديات كل يوم تفرض علينا وعليكم وليس لنا أن نترك ذرة من شك تدخل قلوبنا أو عقولنا.

إننا واجهنا جميعا في الفترة الأخيرة ذلك المشروع الذي يحمل اسم الملك حسين وهو في الحقيقة من وضع الجنرال آلون .

إن ذلك المشروع قصد به أن تنسف القضية الفلسطينية من أساسها ولكن ذلك السهم سوف يطيش كما طاشت سهام أخرى وجهت إلى الأمة العربية من أعدائها.

لكننا إزاء هذه السهام لا يجب أن نقف ساكتين. إن مسؤوليتكم قد تضاعفت وكانت مسؤوليتكم دائما كبيرة ولكنها اليوم اكبر عشرات المرات حتى تستطيعوا أن تواجهوا وان تحبطوا وان تفرضوا الحق الذي لا حق سواه وأول مسؤولياتكم اليوم الوحدة فيما بينكم.

أول مسؤولياتكم اليوم الوحدة فيما بينكم واكبر مسؤولياتكم اليوم صلة لا بد أن تتوثق مع أهلكم في الأرض المحتلة وابرز مسؤولياتكم اليوم محاولة لانسجام اكبر مع العمل العربي الموحد.

بغير الوحدة فيما بينكم فلسوف يظل أعداؤكم يركزون لعبتهم في خلافات سطحية لا قيمة لها.

وبغير صلة عريضة وعميقة مع أهلكم في الأرض المحتلة في القدس وفي الضفة الغربية وفي غزة التي يحمل لها شعب مصر مسؤولية خاصة ومحددة فإن صوتكم يفقد الكثير من قوته.

وبغير انسجامكم مع العمل العربي الموحد شرط التزامه الصريح بأهدافه النضالية فإنكم في خطر العزلة.

أيها الإخوة

إن امتنا العربية يجب أن تحدد لنفسها موقفا صريحا تجاه ما يسمى بمشروع الملك حسين.

ونحن نرى أن ذلك المشروع الذي قصد به إفراغ القضية الفلسطينية من مضمونها خروج عن الخط العربي لا يمكن قبوله وإذا كنا سنقابله بمجرد الكلمات فمعنى ذلك إن اشرف أهداف نضالنا معروضة للبيع والشراء كما يشاء الأعداء أو كما تشاء الأهواء.

وفيما يتعلق بجمهورية مصر العربية فإننا الآن نقوم بمشاورات واسعة بغية تحديد مواقف موحدة تجاه هذا الخروج على الخط العربي.

وحتى يتم ذلك نجد الوسائل والخطى التي يجب أن نتحرك من خلالها فان جمهورية مصر العربية قد قررت قطع كل علاقاتها مع النظام الأردني.

إن هذا الإجراء ليس موقعا ضد الشعب الأردني فهو دائما الصديق والشقيق ولكن هذا الإجراء موجه بالدرجة الأولى إلى خروج لا شك فيه على ابسط ضمانات وحقوق النضال العربي.

أيها الإخوة

إننا اتخذنا هذا القرار وما يترتب عليه من إجراءات مكرهين ويعلم الله إننا الأكثر حرصا على شعب الأردن والأكثر اهتماما بجبهته مع العدو وهي فتحة تمتد على أكثر من خمسمائة كيلومتر لكننا لا نستطيع أن نترك التآمر يصل إلى غايته وتتحول ارض الأردن إلى ثغرة وتتحول خطوطه التي أردناها جبهة من جبهات قتالنا إلى بوابة تسلل والى جسور مفتوحة.

أيها الإخوة

ليس أمامنا إلا تقبل المخاطر وليس أمامنا إلا الرضا بالطريق الصعب لكنه ليس أمامنا أيها الإخوة بديل عن الوصول إلى هدفنا وهدفنا أيها الإخوة ارض عربية حرة وحق عربي مردود إلى أصحابة والسلام عليكم ورحمة الله.

القاهرة
(فتح، العدد331، دمشق، 29/3/1972، ص7)