مقابلة صحافية لياسرعرفات مع مجلة (دير شبيغل) الالمانية [ حزيران/يونيو 1968]

2015-12-07
 

 

 

انا جندي من جنود العرب الابطال اخوض معركة التحرير

وقد نشر الحديث الصحفي في جريدة الأنوار اللبنانية بتاريخ 23/6/1968 كما يلي:

س: "ابو عمار"، حسب معلوماتي فان منظمة "فتح" وانت تحاولان تحقيق شيء لم تستطع الجيوش العربية تحقيقه حتى الآن، ان هدفكما هو الانتصار على اسرائيل وتحرير الاراضي المحتلة. الفدائيون ينظرون اليك كبطل اسطوري؟
ج: انا لست ببطل، انني فقط جندي من الجنود العرب الابطال الذين ناضلوا واستشهدوا. وانا لا اخوض معركة التحرير وحدي، و"فتح" تساهم في رد الاعتبار للشعب الفلسطيني. انني اؤمن بالثورة وبانتصارها الحتمي. ونحن على ثقة بأن ارضنا المسلوبة ستعود الينا حتى ولو.

س: حتى ولو كلفك ذلك حياتك؟
ج: حتى ولو كلفني حياتي. انني لا افكر بالخطر ولا اخافه، الخطر هو شيء طبيعي يجابهه كل انسان يسير على طريق الثورة. عندما نقارن بين الاهداف التي ستحققها الثورة وبين الثمن الذي سندفعه نجد ان هذا الثمن رخيص جداً، ان حياتنا نداء للمبادئ التي نؤمن بها، اننا نحتقر الحياة ونحتقر الموت.

س: وتحتقر اليهود ايضاً، اليس كذلك؟ لنفرض ان ثورتكم نجحت فما هو مصير اليهود؟ هل ستتبع خطى الفاشل، الشقيري، وتقذفهم بالبحر؟
ج: ان المسلمين والمسيحيين يعيشون جنباً الى جنب في البلاد العربية، وانا اعتقد ان المجال ذاته سيكون امام اليهود. لقد عاش اليهود في الماضي في فلسطين العربية بسلام ودون ان يعانوا من النزعة العنصرية او الدينية، واستمر هذا الوضع حتى ظهور الصهيونية. اننا نريد بناء بلدنا دون أي تفكير عنصري او تفرقة شعوبية او دينية.


س: الاسرائيليون لا يريدون ان تتحقق هذه الاهداف التي تنادي بها، ولا يرغبون في العمل من اجل تحقيقها، فهل الشعب العربي يؤيد هذه الاهداف على الاقل؟
ج: اننا لا نعمل من اجل الحصول على التأييد الشعبي، فنحن جزء من الشعب العربي، وهذا الشعب يريد الثورة. اننا فقط نمثل ارادة الشعب.

س: هذا الكلام شبيه بنظرية ماوتسي تونج. هل صحيح ان اقوال ماوتسي تونج انتشرت بشكل واسع جداً في صفوف الفدائيين الفلسطينيين؟ مجلة "بكين ريفيو" الصينية تقول ان سلاح الفدائيين القوي هو اقوال ماوتسي تونج. فهل اصبح الصينيون المثل الاعلى لثورتكم؟
ج: اننا نتعلم من جميع الثوار والثورات في العالم. وقد اخذنا الكثير من ثورة الجزائر وايضاً من الصين وكوبا وفيتنام. والآن بدأت تتجمع لدينا تجاربنا الخاصة،. وانا على يقين من نجاحنا وانتصارنا، فالتاريخ يقف الى جانبنا.

س: ولكن التاريخ يعرف منذ عشرين سنة دولة اسمها اسرائيل؟
ج: شعبنا الفلسطيني طرد من بلده وبيوته واراضيه، هذا ما يقوله التاريخ. لقد شبعنا من قرارات الامم المتحدة وتوصياتها، ولهذا السبب حمل شعبنا السلاح واصبح يعلم ان حرب التحرير الثورية هي الطريق الوحيد لتحقيق اهدافه.

س: ولكنكم تسيئون الى شعب آخر باتباعكم هذا الطريق؟
ج: عندما عملت بريطانية والولايات المتحدة الاميركية على خلق دولة غريبة في ارضنا على حساب شعبنا، وعندما طردنا من بيوتنا واملاكنا، وعندما استخدم الصهيونيون ابشع الاساليب واكثرها وحشية في قتلنا وتشريدنا، ارتفع صوتنا مطالباً بالابقاء على حياتنا على الاقل، ولكن الضمير العالمي لم يتحرك ويدين هذا العدوان الوحشي او يقول ان هذا الظلم لا يجوز ان يحدث، لقد كان الضمير العالمي نائماً.

]س : وانت الآن تريد ايقاظ الضمير العالمي بواسطة حرب التحرير التي تخوضها، فهل حققت أي نجاح؟
ج : بدون شك لقد حققنا الكثير كحركة ثورية. نجحنا في وضع حجر الاساس للثورة الفلسطينية واستطعنا القضاء على اسطورة تزعم ان الجيش الاسرائيلي لا يقهر.

س : ان عدد الفدائيين الذي اسروا اثناء العمليات العسكرية لا يتعدى العشرة بالمئة من الرقم الذي تزعمه اسرائيل. اما بقية المعتقلين العرب فهم من مؤيدي الثورة الفلسطينية؟
ج : ولنفترض ان اسرائيل اعتقلت فعلاً هذا العدد من الرجال، عندئد تتضح الاكاذيب الاسرائيلية القائلة ان افراد المقاومة الفلسطينية هم جماعة تتسلل من خارج الاراضي العربية المحتلة.

س : هل يؤيدكم الشعب في الضفة الغربية؟
ج : انك تتكلم وكأننا نحن شيء وشعبنا شيء آخر. انني اكرر ما سبق ان قلته لك : نحن جزء لا يتجزأ من شعبنا، نحن رمز هذا الشعب وشعاره، ان اخواننا العرب في الضفة الغربية يساندوننا بجميع الوسائل التي يملكونها، انهم يعالجون جرحانا، انا نفسي عولجت من قبل اخواني في الضفة الغربية عندما اصبت بجروح في احدى المعارك، تأكد اننا سنقضي على الاستعماريين والصهيونيين ونحرر ارضنا منهم.

س : وماذا تقول الدول العربية عن ذلك؟
ج : اننا نمثل ارادة شعبنا العربي من الخليج إلى المحيط، كل حكومة عربية تؤمن باهدافنا تساعدنا وتساندنا.

س : من اين تتلقون المساعدات العسكرية ؟ دايان يقول ان الاسرائيليين استولوا على 190 مدفعاً رشاشاً واعدادا من مدافع "البازوكا" من الفدائيين وجميعها كانت من صنع دول المعسكر الشرقي.
ج : اسلحتنا ليست شرقية فقط، اننا نستعمل أي نوع من الاسلحة يقع في ايدينا، بل اننا نستخدم الاسلحة التي نستولي عليها من العدو الصهيوني، وقد استولينا على كميات كبيرة من هذه الاسلحة.

س : الاسرائيليون يزرعون الحدود بالغام ويقيمون "حزاماً الكترونيا" ويحشدون جنودهم لايقاف التسلل، فهل ذلك يعيق نشاطكم؟
ج : ان ثورتنا تنبع من داخل الأراضي المحتلة، الإمدادات فقط تأتي من الخارج، دورنا هو نفس دور ثوار الجزائر الذين كانوا يتلقون الإمدادات عن طريق تونس، وكما تعلم فان الفرنسيين أقاموا حواجز كهربائية على طول الحدود ولكن ذلك لم يمنع ثورة الجرائر من الانتصار؟