خطاب عرفات امام المجلس المركزي 2003 لمناقشة تعيين رئيس حكومة للسلطة

2016-01-14

سم الله الرحمن الرحيم

(وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ*

وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ)

صدق الله العظيم

الأخ الكريم سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني

الأخوات والأخوة أعضاء المجلس المركزي

السيدات والسادة، الضيوف الكرام بما فيهم الممثلون الرسميون لبلادهم

يجتمع مجلسنا المركزي الفلسطيني والأخطار والتحديات تحدق بوطننا فلسطين بل وبوطننا العربي، ويقع علينا جميعاً عبء مواجهة هذه الأخطار والتحديات والنهوض بالمهام الجسام الملقاة على عاتقنا لتعزيز المسيرة ودرء الأخطار وتحقيق أهدافنا في الحرية والاستقلال الوطني وتجسيد حلم شعبنا التاريخي حلم أمتنا العربية، بإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف فوق أرض وطننا فلسطين. وإننا نعتز أن يكون اجتماعنا هذا اليوم في الثامن من آذار- مارس اليوم العالمي للمرأة، وأتوجه إلى أختنا المرأة الفلسطينية حامية بقائنا وحياتنا وحارسة نارنا الدائمة كما أعلنا ذلك في الجزائر، بتحية التقدير والإكبار وهي تشارك على الدوام بفعالية وفي الصفوف الأولى لمسيرتنا الوطنية، فإليها صانعة الأجيال وشريكة الصمود والمعاناة والنضال والبناء الوطني كل التحية والتقدير والاعتزاز.

وقد اضطلع المجلس المركزي الفلسطيني باعتباره الهيئة التشريعية الأعلى في غياب المجلس الوطني الفلسطيني بدورة التشريعي المركزي في مسيرتنا الكفاحية لتعزيز وحدتنا الوطنية وبلورة وتجسيد برنامج العمل الوطني وتحديد أهدافنا الوطنية في الاستقلال والحرية والدولة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني.

واليوم يجتمع المجلس المركزي الفلسطيني في ظل هذه المتغيرات الدولية والإقليمية التي أصابت العالم والنظام الدولي بعد عمليات الإرهاب الدولي في 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، تلك العمليات الإرهابية التي أدناها واستنكرناها على كافة المستويات القيادية والشعبية واعتبرناها إرهاباً أعمى ضد المدنيين الأبرياء وأعلنا وقوفنا ضد هذا الإرهاب الدولي الأعمى في إطار الجهود الدولية في الأمم المتحدة لحماية المدنيين والأمن والسلام على المستوى الدولي.

وقد عملت حكومة إسرائيل بشكل حثيث ومركز على توظيف هذه المتغيرات الدولية وهذا الإرهاب الدولي الأعمى لتصعيد حربها العدوانية الاحتلالية الاستيطانية التي كانت قد بدأتها قبل أكثر من عامين تقريباً بالزيارة المشؤومة لشارون في القدس للحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى المبارك والتي رافقتها مجزرة وحشية مدبرة بحق المصلين وهم في بيت الله يؤدون الصلاة في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومهد ورفعة سيدنا المسيح عليه السلام.

ويواجه الشرق الأوسط اليوم منعطفاً خطيراً تستهدف الأمن والاستقرار فيه وانعكاس ذلك على المنطقة كلها وشعوبها جميعاً، وخاصة شعبنا في العراق الشقيق وشعبنا الفلسطيني الذي عانى ويعاني من العدوان والاحتلال الإسرائيلي دون أن تتمكن الأسرة الدولية ومجلس الأمن من وضع حدٍ لهذا العدوان والاحتلال الإسرائيلي لأرضنا العربية والفلسطينية وممارسة الضغط لتنفيذ وتطبيق قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية ولإجبار حكومة إسرائيل على إنهاء احتلالها واستيطانها للأراضي الفلسطينية والعربية، ولا يخفى عليكم إن حكومة إسرائيل هي المحرض الأساسي لهذه الحرب ضد العراق الشقيق وشعبه الذي أظهر استعدادا واضحاً لتطبيق قرارات الشرعية الدولية وامتثاله لقرارات القمة العربية والقمة الإسلامية وقمة عدم الانحياز– وذلك لاستغلال هذه الحرب من قبل إسرائيل لمزيد من السيطرة على المنطقة، واستغلال إسرائيل لذلك ولابد أن أذكر أن إسرائيل تستغل تلك الحرب ولا بد لي هنا أن أذكر المجتمع الدولي بأن حكومة إسرائيل وجيش احتلالها قد استخدم ويستخدم آلته العسكرية المدمرة ضد شعبنا الصامد في وجه الاحتلال والاستيطان وتعرض شعبنا على مدى الثلاثين شهراً الماضية إلى حرب تدميرية شاملة بما لهذه الكلمة من معنى بما فيها الغازات السامة واليورانيوم المستنفذ وهناك لجان كشفت ذلك منها لجان أمريكية ولجان هولندية وغيرها من الأسلحة المحرمة دولياً وضربت حكومة إسرائيل شعبنا ومدننا ومخيماتنا وقرانا بطائرات إف 16 ومروحيات الأباتشي وبالصواريخ والقنابل الثقيلة الحارقة ونوعية جديدة يجربوها فينا في غزة والتي تحتوي على مواد كيماوية وإشعاعية محرمة دولياً، وجعلت من أرضنا وشعبنا حقل تجارب لأسلحة الدمار والقتل التي يحرمها القانون الدولي وهذا ما شهدت به مراكز ولجان وهيئات حقوق الإنسان الدولية في الأمم المتحدة في جنيف وغيرها حيث سقط لنا آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى رجالاً ونساءً وأطفالاً بجانب التدمير العنيف والشامل لبنيتنا التحتية الفلسطينية كما يرى العالم ذلك والمؤسسات الرسمية والشعبية من المنازل والمساكن والمصانع وتجريف الأراضي الزراعية ومصادرتها تحت مسميات مختلقة للسور الواقي وشق الطرق لأغراض الاستيطان والمس بمقدساتنا المسيحية والإسلامية ومحاولات التهويد الجارية في الخليل والقدس الشريف ومدخل بيت لحم الذي عزلوها عن القدس واستيلائهم على مسجد بلال وتدمير البلدة القديمة في نابلس والبلدة القديمة عاش فيها سيدنا يوسف، حتى تاريخهم لا يحترمونه والجرائم في جنين جراد وخان يونس ورفح جراد وقلقيلية وطولكرم وبيت حانون ورام الله وغزة وغيرها في كل الضفة والقطاع وما صاحب ذلك من خسائر ضخمة اقتصادية ومالية وصلت حسب الإحصاء الأخير للبنك الدولي 5.4 مليار دولار خلال السنتين الماضيتين غير ما تم حجزه من أموالنا الضرائبية خلالها بجانب الخسائر الأخرى.

الأخ الكريم سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والأخ ابو العلاء

الأخوات والأخوة أعضاء المجلس المركزي

الضيوف الكرام والأصدقاء الأحبة الممثلين للدول الشقيقة في العالم

إن هذه المتغيرات والتطورات الخطيرة على المستويين الإقليمي والدولي والفلسطيني قد استدعت دعوة مجلسنا المركزي لهذا الاجتماع الطارئ لتدارس الوضع الراهن من كافة جوانبه والخروج بقرارات وبرامج عمل وطنية تحمي مسيرتنا الوطنية وتقربنا من هدفنا الوطني في الأمن والسلام وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفي هذا الإطار ومن موقع المسؤولية في هذا الظرف العصيب والأخطار المحدقة فإنني أضع أمام مجلسكم الكريم القضايا والموضوعات والمهام التي تحتاج منكم إلى المزيد من التعمق في البحث والتحليل لاستخلاص برنامج المهام الوطنية في المرحلة الراهنة وعلى المدى البعيد وتجنب كل ما شأنه إعاقة المسيرة وإبعاد شعبنا عن تحقيق هدفه في الحرية والاستقلال.

أخواتي إخواني

الضيوف الكرام

إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات، وهي الإطار العريض للعمل الوطني الفلسطيني وهي الرافعة التاريخية التي قادت وتقود نضالنا الوطني في مختلف المجالات على طريق الحرية والاستقلال الوطني، وفي إطارها العريض وفي المجلس الوطني الفلسطيني التقت وتوحدت القوى والفصائل والفعاليات الوطنية على برنامج الاستقلال الوطني وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف طبقاً لقرارات الشرعية الدولية 242، 338، 425، وتنفيذ اتفاق السلام (سلام الشجعان) الذي وقعناه مع شريكنا الراحل يتسحاق رابين والذي اغتالته هذه القوى المتطرفة في إسرائيل وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي 194. وفي مواجهة الإخطار المحدقة فلا بد من تعزيز منظمة التحرير الفلسطيني على المستوى الوطني والعربي والدولي فلابد من تفعيل هذه المنظمة والمزيد من تفعيل أطرها ودوائرها وخاصة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي هذا المجال فإنني أدعوكم إلى تفعيل القيادة الوطنية الموحدة والتي تضم اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وقادة الفصائل والقوى والأحزاب لتتولى السير معاً وقيادة العمل الوطني ورسم السياسات ووضع البرامج والخطط التي تعزز وحدة شعبنا وصولاً إلى هدفه في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنجاز مهام الاستقلال الوطني.

أيتها الأخوات أيها الأخوة

الضيوف الكرام

إن خيار السلام بيننا وبين إسرائيل هو خيارنا الإستراتيجي الذي لا رجعة عنه، وإن هدفنا الوطني الذي نسعى إليه ونناضل في سبيله إنما يتحدد بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان الزاحف وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في الضفة والقطاع والقدس وضمن حدود الرابع من حزيران.

ونعلن تأكيد التزامنا بهذا الهدف وبالمفاوضات وبالوسائل السلمية لتحقيقه، إننا نسعى إلى سلام شامل ودائم بيننا وبين إسرائيل على أساس حل الدولتين دولة فلسطين ودولة إسرائيل بما يحقق الأمن والاستقرار والسلام الشامل لكل شعوب المنطقة ولكلا الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني والمنطقة كلها وعلى أرضية مبادرة السلام العربية التي أعلنها سمو ولي العهد السعودي الأمير عبد الله وتبنتها القمة العربية في بيروت، وقبلها كان قرار مجلسنا الوطني في الجزائر.

الأخوات والأخوة

الضيوف الكرام

نؤكد ترحيبنا ومباركتنا لدعوة مصر الشقيقة للحوار الوطني الفلسطيني على أساس الالتزام بورقة المبادرة المصرية التي قبلناها بكل ترحيب لأننا على ثقة إن مصر الشقيقة بقيادة الرئيس المبارك حسني مبارك قد تقدمت بهذه المبادرة وبهذه الدعوة للحوار من منطلق التزام مصر القومي بقضية فلسطين وبحقوق شعبنا الوطنية في الحرية والاستقلال وعودة اللاجئين الفلسطينيين المشردين إلى أرضهم ووطنهم وحل قضيتهم حلاً عادلاً وفق قرار الجمعية العامة الرقم 194.

وندعو اليوم كافة القوى والفصائل دون استثناء إلى التجاوب الصادق مع المبادرة المصرية بكل بنودها والخروج بموقف وطني موحد وخطة عمل واحدة تجنب شعبنا هذه الأخطار المحدقة والخططالجهنمية لحكومة إسرائيل التي تستغل تفاوت الرؤى والممارسات في وضعنا الراهن وكذلك تداعيات (11) أيلول وشبح الحرب القائم حالياً في المنطقة العربية وخاصة ضد شعب العراق الشقيق والتخطيط الإسرائيلي لاستغلالها لتدمير ما بناه شعبنا بدمائه وشهدائه على مدى السنين الماضية، وخطتهم الخطيرة بالتهديد بالترانسفير لشعبنا، كما يقول ذلك رؤساؤهم علناّ في إعلامهم. إن وحدتنا هي مصدر قوتنا فنحن في قارب واحد ومصيرنا واحد ويجب تغليب المصلحة الوطنية العليا على كل اعتبار وكل مصلحة فئوية أو حزبية.

إننا نعلن للعالم كله وللقاصي والداني أننا ضد كافة أشكال العنف والإرهاب الذي يستهدف المدنيين سواء كانوا فلسطينيين أو إسرائيليين أو عرباً، وقد استغلت حكومة إسرائيل العمليات التفجيرية ضد المدنيين لتشويه صورة وسمعه شعبنا ومقاومته ونضاله المشروع ضد جرائم الاحتلال والتصعيد العسكري الآثم ضد جماهيرنا ومقدساتنا والاستيطان الإسرائيلي المتزايد في أرضنا المحتلة. إن حكومة إسرائيل وجيش احتلالها تقوم بارتكاب أفظع الجرائم وحرب الإبادة العنصرية ضد شعبنا وسط تجاهل دولي لجرائمها بحق شعبنا في كافة المدن والمناطق وضد أرضنا ومؤسساتنا وأجهزتنا الأمنية واقتصادنا الوطني ومقدساتنا المسيحية والإسلامية. وكذلك أهمية دعم شعبنا لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية التي أعلن إجراؤها في شهر يناير سنة 2003 وقامت إسرائيل بإعادة احتلالها لأراضينا المحررة ومنعنا من إجراء هذه الانتخابات، وأنا أسأل العالم أليس هذا انتهاكاً للديمقراطية.

ولقد تعاونا بكل صدق وإيجابية مع كافة المبادرات الدولية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق الأمن والسلام العادل بيننا وبين الإسرائيليين بما فيها تقرير ميتشيل وطابا وشرم الشيخ وباريس وتفاهمات جورج تينت وتقرير الجنرال زيني، وإننا اليوم نؤكد على ضرورة قيام اللجنة الرباعية الدولية بتنفيذ خريطة الطريق، وإننا نتساءل إلى متى يبقى كل حل ومبادرة دولية أو عربية أو قرار دولي أو تقرير رسمي من الأمم المتحدة تحت رحمة حكومة إسرائيل التي ترفض السلام وكافة القرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى على مدى عقود مضت.

وقد رحبنا وأشدنا برؤية الرئيس بوش لإنهاء الاحتلال والاستيطان وإقامة دولة فلسطين الديمقراطية والقابلة للحياة وندعو اليوم إلى وضع هذه الرؤية الهامة موضع التطبيق وإرسال المراقبين الدوليين أو القوات الدولية ووضع الجدول الزمني الملزم لكلا الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، ونحن نرى والعالم يرى معنا وحشية الجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها حكومة إسرائيل في ظل عدم التزامها بالاتفاقات والقرارات الدولية وكذلك عدم تنفيذها.

الأخوات والأخوة

الضيوف الكرام

إن شعبنا وقيادته يقفون إجلالاً واحتراماً لشهدائنا، شهداء معركة الاستقلال والحرية وفي المقدمة الشهيد البطل أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية وعضو المجلس المركزي والشهيد البطل اللواء أبو حميد (أحمد مفرج) أحد أبرز قادتنا العسكريين وعضو المجلس المركزي وآلاف الشهداء من أبطال قياداتنا وكوادرنا وأبناء شعبنا، ومتمنين لجرحانا البواسل الشفاء العاجل، فإن القيادة تدعو المجلس المركزي الفلسطيني إلى وضع البرامج وتكثيف التحرك لدى الهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية وقوى ومنظمات الرأي العام الفلسطيني والعربي والدولي وقوى السلام في إسرائيل للقيام بكافة النشاطات والتحركات لإطلاق سراح الآلاف من إبطالنا الأسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات إسرائيل لأنها قضية مبدأ وقضية حق وعدل ولا يمكن لعملية السلام أن تتقدم إلا بإطلاق سراح كافة أسرانا ومعتقلينا من السجون الإسرائيلية وبهذه المناسبة نرسل أطيب التحيات لأسرانا ومعتقلينا الأبطال في السجون الإسرائيلية وفي مقدمتهم عضوا اللجنة التنفيذية عبد الرحيم ملوح وتيسير خالد والأخ مروان البرغوثي، عضو المجلس التشريعي الفلسطيني، وركاد سالم، وتعتبر القيادة استمرار اعتقالهم خرقاً سافراً للاتفاقات المبرمة وللمواثيق الدولية ولقد طلبنا رسمياً من خلال الرباعية الإفراج عنهم لحضور هذا الاجتماع ونقول لهم أن الفجر آتٍ آت.

كما وأن قضية اللاجئين الفلسطينيين المشردين من وطنهم وأرضهم وبيوتهم على مدى أكثر من نصف قرن، هي قضية تهم الإنسانية جمعاء وعلى مدى عشرات السنين أصدرت الجمعية العامة قرارات سنوية تؤكد تمسك المجتمع الدولي بأسره بحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار الدولي الخاص باللاجئين 194 ولا بد للأسرة الدولية من المساهمة الفاعلة والجادة لإنهاء هذه المأساة التي لم يسبق لها مثيل، ولا بد للمجلس المركزي وكافة الهيئات الفلسطينية من مواصلة وتفعيل نشاطها وبرامجها على المستوى الدولي لتوضيح عدالة قضية اللاجئين الفلسطينيين وضرورة حل هذه القضية وفق قرارات الشرعية الدولية.

أخواتي إخواني

الضيوف الكرام

إن شعبنا الفلسطيني وقيادته يعبرون عن عميق شكرهم وتقديرهم للدول العربية والإسلامية وشعوبها الشقيقة ودول عدم الانحياز وشعوبها الصديقة التي عقدت أربع قمم عربية بجانب القمة الإسلامية وقمة دول عدم الانحياز وجهود الدول الشقيقة والصديقة في أوروبا وروسيا والصين وكندا وأصدقائنا في الولايات المتحدة الأمريكية لدعم شعبنا بكافة أشكال الدعم المادي والسياسي والدبلوماسي، كما نتوجه بالتحية إلى جماهير أمتنا العربية وكافة الأصدقاء وشعوب العالم على وقفتهم الصلبة لنصرة شعبنا في كفاحه العادل وإدانة الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي وتقديم كل أشكال الدعم والتضامن مع شعبنا الفلسطيني الصامد المرابط دفاعاً عن الأرض والمقدسات المسيحية والإسلامية في أرض الرباط أرض فلسطين أرض السلام والأرض المباركة.

ولا بد لنا أن نخص بالذكر أصدقائنا الأعزاء في الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين واليابان ودول أمريكا اللاتينية وكندا وبقية الأصدقاء في العالم على وقوفهم إلى جانب شعبنا وما التصويت في الأمم المتحدة على الدولة الفلسطينية بـ 161 صوتاً إلا انعكاساً لهذه المواقف المشرقة والصادقة لهذا الدعم الدولي لشعبنا ومقدساتنا ولقضيتنا العادلة.

الأخوات والأخوة

الضيوف الكرام

إن الممارسة والحوار الديمقراطي كانت على الدوام وستبقى مصدر قوة للشعب الفلسطيني في معركة تحرره الوطني والديمقراطي، وقد رسخنا مبادئ وقيم حياتنا الديمقراطية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وفي سلطتنا الوطنية ورفضنا على الدوام حل التعارضات والتناقضات بين فصائل العمل الوطني بالإكراه واعتمدنا الحوار الديمقراطي وسيلة ناجعة وأساسية لحفظ وصيانة وحدتنا الوطنية على أسس ديموقراطية وقد أطلق المراقبون على حياتنا الديمقراطية في الثورة بأنها "ديموقراطية غابة البنادق"، وكان الخيار الديمقراطي هو الخيار الوحيد الذي ارتضاه الشعب الفلسطيني لإقامة سلطته الوطنية فجرت الانتخابات الديمقراطية للرئاسة وللمجلس التشريعي تحت الإشراف الدولي برئاسة الرئيس سوارس رئيس البرتغال الصديق وعضوية الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر وكبار الشخصيات الدولية الهامة في العالم وأعضاء المجالس النيابية والبرلمانية والتي شهدت بنزاهة هذه الانتخابات في ظل ظروف بالغة الصعوبة، وخاصة في دائرة القدس الشريف، إن خيارنا سيظل دائماً وأبداً هو الخيار الديمقراطي وإجراء الانتخابات العامة ومبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وهنا لا بد من الإشارة للمبادرة الواضحة التي أعلنتها لتعيين رئيسٍ للوزراء للسلطة الوطنية وكذلك خطة الإصلاح الشامل في جميع المرافق التي قامت بها اللجنة الوزارية برئاسة أخي ياسر للإصلاح، وقد وافقت اللجنة التنفيذية على هذه المبادرة وتسمية الأخ الحبيب محمود عباس أمين سر اللجنة التنفيذية رئيساً للوزراء للسلطة الوطنية ونرجو موافقتكم على ذلك.

ولا بد للمجتمع الدولي أن يدرك أن الاحتلال الإسرائيلي وحده هو العائق الأكبر أمام ممارسة شعبنا لحياته الديمقراطية الكاملة، ولإصدار الدستور الدائم للدولة المستقلة لتعزيز حياتنا الديمقراطية ونحن على أبواب إقامة دولتنا طبقاً للقرار الذي اتخذه المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر والتي كان من المفروض أن يعلن قيامها سنة 1999 طبقاً لاتفاق أوسلو، وإني أدعوكم كما سأدعو المجلس التشريعي للموافقة على ذلك ضمن نظامنا السياسي ووضع النصوص القانونية والدستورية لها وبما يعزز وجود سلطتنا الوطنية الفلسطينية النواة الصلبة لدولتنا الفلسطينية المستقلة ويؤكد على الشفافية والمساءلة وسلطة القانون ويعطي للعالم صورة مشرقة عن ممارسة شعبنا لديمقراطيتنا التي نعتز بها.

وأخيراً فإننا نتوجه إلى اللجنة الرباعية والأمم المتحدة ومجلس الأمن وكل القوى الدولية المعنية بعملية السلام للتحرك الفوري لرفع الحصار والمعاناة عن شعبنا وقيادته وهيئاته والعمل السريع لدفع عملية السلام إلى الأمام وإقامة السلام العادل والشامل والكامل في المنطقة كلها من أجل أطفالنا وأطفالهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51) (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) صدق الله العظيم

أدعو لكم بالتوفيق والنجاح

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


5/3/2003