كلمة ياسر عرفات في مؤتمر رجال الاعمال المغتربين عام 1997

2016-01-14

الأخ رئيس المؤتمر

الاخوة الاعضاء

السيدات والسادة الاصدقاء والضيوف الكرام

تحية طيبة وبعد

أتوجه إليكم وانت تعقدون "مؤتمر رجال الاعمال المغتربين" على ارض وطننا الحبيب ارض فلسطين المباركة ومن خلالكم الى كل اهلنا واحبتنا في الوطن والمهجر واينما تواجدوا بأصدق التحيات والتمنيات الاخوية متمنيا لمؤتمركم هذا كل النجاح والتوفيق في خدمة ابناء شعبكم وخدمة نضاله العادل من اجل تحقيق اهدافه المشروعة في الحرية والاستقلال.

ياتي انعقاد هذا المؤتمر في ظل ظروف دقيقة يمر بها شعبنا الفلسطيني الذي يواصل مسيرة السلام ومسيرة الاعمار والبناء لوطنه ومؤسساته الحيوية التي دمرها الاحتلال عبر سنواته الطوال واننا واثقون كل الثقة ان هذا المؤتمر سيسهم بشكل فعال في طرح المشاكل الاقتصادية ووضع الحلول المناسبة لها والى بلورة الافكار الخلاقة وتحديد الخطوات العملية لترجمتها على ارض الواقع لتنمية وتطير بناء الاقتصاد الوطني المستقل بعيدا عن واقع التبعية للاقتصاد الاسرائيلي نتيجة تدمير للبنية والمؤسسات والشركات الفلسطينية وضرب رأس المال الوطني لتحويل وطننا وشعبنا الى سوق للعمالة الرخيصة وللبضائع الاسرائيلية.

ان الاقتصاد الوطني الفلسطيني رغم كل محاولات التدمير التي تعرض لها من جراء الاحتلال الذي دمر بنيته التحتيه والفوقية يمتلك المقومات الضرورية لاعادة البناء والنمو السريع ألا وهي القوى البشرية والارادة القوية فالانسان الفلسطيني الذي اثبت مقدرته عبر العصور على البناء والابداع في مختلف دول العالم قادرة على العطاء والتنظيم والعمل الجاد الى كل ابناء شعبنا وأينما تواجدوا الى استثمار رأس المال الفلسطيني في تطوير اقتصادنا وبناء وطننا فالاستقلال الاقتصادي والقضاء على التبعية هو القاعدة الصلبة لاستقلالنا الوطني.

ان الاعتماد على الذات هو الاساس المتين والقوي للاستقلال والسيادة والتنمية الاقتصادية التي تقوم على كاهل ابناء شعبنا هي وحدها التي ستقود شعبنا الى الاستقلال الحقيقي  ذلك ان المساعدات الدولية مع شكرنا لمانحيها لن تؤدي الى بناء قاعدة اقتصادية وطنية هذه حقيقة يجب ان يدركها ويعيها جميع ابناء شعبنا الفلسطيني فالدول لا تبنيها الا سواعد ابناؤها وبعرق جباهم وبإبداع عقولهم الخلاقة.

ان هدفنا هو بناء اقتصاد وطني فلسطيني سليم ومعافى يقوم على الاستقلالية وليس مرتبطا بالمساعدات ولا مرتهنا بالمعونات ونريد لشعبنا ان يعمل في مؤسساته ومصانعه لا في مؤسسات ومصانع الغير نريد لاقتصادنا ان يبتعد عن سياسة الالحاق التي فرضها عليه الاحتلال عبر سنواته الطويلة و لذلك من اجل هذا الوطن ومن اجل فلسطيننا فإننا ندعوكم بقلوب صادقة وندعو كل رجال الاعمال الفلسطينيين في شتى اماكن تواجدهم في الوطن والمهجر الى المزيد من التلاحم والتعاون وبذل الغالي والرخيص في سبيل بناء الاقتصاد الفلسطيني المستقل لبناء المعامل والمؤسسات والمصانع على ارض فلسطين بأيد فلسطينية وبرأسمال فلسطيني ان العقول الفلسطينية التي ابدعت في بناء العديد من المؤسسات المزدهرة في الدول العربية في العالم اجمع مدعوة اليوم الى وطنها فلسطين لإعماره وبنائه.

ان الاستقرار الاقتصادي هو اساس الاستقرار السياسي ونحن من جانبنا نبذل قصارى جهدنا من اجل وضع الاسس السليمة للاستثمار ولقد قامت السلطة الوطنية بسن قوانين اقتصادية للمستثمرين الفلسطينيين وتسعى لتوفير افضل الاجواء لعملهم بكل حرية بعيدا عن اي تدخل في مشاريعهم رغم الظروف الصعبة والبالغة التعقيد على الساحتين الدولية والاقليمية خاصة فيما يتعلق بالتطورات الاخيرة لعملية السلام هذا السلام الذي اختاره شعبنا كخيار استراتيجي لا رجعة عنه من اجل استعادة وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة.وقد دخلت عملية السلام في مأزق خطير من جراء السياسات العدوانية والمواقف المتعنتة للحكومة الاسرائيلية التي ترفض احترام مرجعية عملية السلام والمبادىء التي استندت اليها وتصر على مواصلتها للنشاطات الاستيطانية ببناء وتوسيع المستوطنات في كافة الاراضي الفلسطينية وخاصة في القدس الشريف التي تتعرض لهجمة شرسة بهدف تهويدها وتفريغها من اهلها .

هذا الى جانب رفضها الكامل للتنفيذ الدقيق والامين للاتفاقيات المبرمة وفتح الممرات الامنة والمطار والميناء واطلاق سراح المعتقلين والتوقف فورا عن كل السياسات والنشاطات الاستيطانية وبالذات في القدس المحتلة عام 1967 وانهاء سياسة الاملاءات وفرض الامر الواقع حتى تعود عملية السلام الى مسارها الصحيح من اجل اقامة السلام العادل والدائم الذي يضمن للجميع الحق في الامن والاستقرار ولشعبنا حقوقه الثابتة في العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ان معركة البناء والتنمية هي معركة الفلسطينيين جميعا وليست معركة السلطة الوطنية وحدها ولا بد لشعبنا ان يعتمد على نفسه ويبتني اقتصاده الوطني ويرسي دعائم استقلاله السياسي وذلك يتطلب منا جميعا حشد كل طاقاتنا وامكاناتنا وتعزيز وحدتنا الوطنية حتى نتمكن من المضي قدما في ترسيخ داعئم سلطتنا الوطنية واقتصادنا الوطني ومؤسساتنا الفتية بعيدا عن الهيمنة والتبعية.

احييكم مرة اخرى واثمن عاليا جهودكم الخيرة والبناءة التي تبذلونها في سبيل دعم شعبكم في نضاله المشروع من اجل استكمال انهاء الاحتلال الاسرائيلي لارضه ومقدساته وتمكينه من استعادة وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة وبناء مؤسساته المستقلة آملين ان تتوحد كل الجهود من اجل النهوض بوطننا وبنائه على اسس عصرية خاصة في هذه المرحلة المصيرية وادعو الله ان تتكلل اعمال هذا المؤتمر بالنجاح وان تتبلور من خلاله آفاق للتعاون والمشاركة والتفاعل والاستثمار  المشترك حتى يتم خلق نقطة ارتكاز في فلسطين لكافة رجال الاعمال الفلسطينيين أينما تواجدوا ليكون للجميع دور اساسي وفاعل في عملية التنمية الاقتصادية ونحن واثقون كل الثقة من قدرة وخبرة وكفاءة شعبنا الذي ساهم في بناء كثير من الدول العربية وغيرها.

أجدد لكم التهنئة الحارة بانعقاد مؤتمركم هذا متمنيا لكم كل النجاح والتقدم.

والسلام عليكم