كلمة ياسر عرفات في الدورة الثالثة والاربعين لمنظمات حلف الاطلسي غير الحكومية في بلغاريا

2016-01-14

فخامة السيد الرئيس بيتر ستويانوف

السيد سولومون باسي

رئيس نادي الاطلسي البلغاري

نائب رئيس جمعية معاهدة الاطلسي

اصحاب المعالي والسعادة

الحضور الكرام ايها السيدات والسادة

تحية طيبة وبعد

انه لمن دواعي سعادتنا وبهجتنا ان نكون بينكم وانت تلتقون في اجتماعكم الثالث والاربعين للجمعية العمومية لمنظامت حلف الاطلسي غير الحكومية كما يطيب لنا ايضا ان نتقدم اليكم باسم الشعب الفلسطيني وباسم منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية وباسمي شخصيا وبجزيل الشكر المقرون بعميق التقدير على دعوتكم الكريمة لنا لحضور هذا المؤتمر الهام.

ان انعقاد جمعيتكم العمومية يأتي في وقت تمر فيه منطقتنا منطقة الشرق الاوسط بظروف خطيرة ودقيقة بعد ان كانت قد حطت خطوات ملحوظة نحول التفاؤل والانفراج اثر توقيع اتفاق اوسلو وما تلاه من اتفاقيات على طريق صنع السلام ان عملية السلام قد وصلت الى طريق مسدود بسبب السياسات الاستيطانية والاجراءات العقابية الجماعية التي تتبعها الحكومة الاسرائيلية ضد شعبنا واراضينا الفلسطينية والمتمثلة في الاغلاق والحصار والاقتصادي ومنع العمال من التوجه الى اماكن عملهم مما رفع نسبة البطالة الى اكثر من 70% من مجموع القوى العاملة في وطننا وكذلك منع تصدير منتوجاتنا الى الخارج الامر الذي يلحق بالاقتصاد الفلسطيني خسارة يومية تزيد على تسعة(9) مليون دولار.

ان الحكومة الاسرائيلية تفرض الاغلاق الكامل على قطاع غزة والضفة الغربية وتمنع حرية الحركة والتنقل بينهما وتعزل المدن والقرى الفلسطينية عن بعضها البعض وتقيم الحواجز العسكرية الاسرائيلية في كافة المناطق للتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين كما تمنع وصول المواد الغذائية والتموينية والطبية والدوائية الى شعبنا بهدف تركيعه واذلاله يضاف الى ذلك ما تقوم به قوات الاحتلال الاسرائيلي من مداهمات وعمليات خطف واعتقال وقتل للمواطنين الفلسطينيين مطلقة العنان لجنودها من المستعربين ومستوطنيها لممارسة كافة اشكال العنف والارهاب ضد ابناء شعبنا.

ان الحكومة الاسرائيلية الحالية تواصل سياسة هدم البيوت لاجبار سكانها على مغادرة مدنهم وقراهم للافساح المجال امام الوحش الاستيطاني .

ان عشرة الاف فلسطيني يعيشون الان بلا مأوى وقد تحولوا الى لاجئين في وطنهم كما تعلمون ففي سنة 1997 وحدها هدمت الحكومة الاسرائيلية 110 منازل وألقت بالاسر والنساء والاطفال في العراء لمصادرة المزيد من الاراضي الفلسطينية ولتوسيع وبناء المستوطنات الاسرائيلية عليها بعد ان اصبح الاستيطان في الضفة الغربية وغزة والقدس الشريف ديدن الحكومة الاسرائيلية وفقا لمخطط وهجمة استيطانية شرسة ومبرمجة ترمي من خلالها الى احكام السيطرة على مدينة القدس الشريف وتشريد سكانها الفلسطينيين الاصليين وتهجيرهم من خلال التضيق عليهم في لقمة عيشهم وحرية حركتهم وبمصادرة هوياتهم والاستيلاء على ممتلكاتهم وفرض ضرائب باهظة ليش في مقدورهم اداؤها وفرض سياسة الامر  الواقع والاملاءات المجحفة لرسم تحديد خريطة الوضع النهائي للمدينة من جانب واحد غير عابئة بكافة القرارات الدولية التي رفضت العبث الاسرائيلي بمدينة القدس الشريف لطمس هويتها الفلسطينية والمسيحية والاسلامية وبتاريخها وميراثها الحضاري والروحي والديني الفلسطيني والعربي والاسلامي والمسيحي كذلك لخنق وحصار مدينة بيت لحم وانشاء مدينة منافسة وبديلة لها في جبل ابو غنيم في احتفالات الالفية الثانية لميلاد سيدنا المسيح عليه السلام.

ان الحكومة الاسرائيلية ماضية في مخططاتها الاستيطانية في كافة الاراضي الفلسطينية متنكرة ومتهربة من الالتزام بالاتفاقات المبرمة رافضة لكافة الاستحقاقات المترتبة عليها في اتفاق اوسلو الاول والثاني والموقع في البيت الابيض بحضور الرئيس كيلنتون والوزراء الاوروبيين والعرب واليابان.

هذا الى جانب العديد من الخروقات والاستحقاقات الاخرى.

ان الحكومة الاسرائيلية ترفض تنفيذ الاتفاقات المرعية والموقعة والمصادق عليها كما تضرب عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية وشرعة حقوق الانسان واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب . والسؤال الكبير والخطير هنا الى متى ستظل الحكومة الاسرائيلية ترفض قرارات الشرعية الدولية؟ والى متى يقبل المجتمع الدولي ان يظل الشرق الاوسط بؤرة للتوتر وعدم الاستقرار والعنف بسبب تنكر اسرائيل للمواثيق والقرارات الدولية وللحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني؟.

ان موقفنا من الارهاب واضح لا لبس فيه وأعلنا مرارا وتكرارا اننا ضد الارهاب ايا كانت صورته وايا كان مصدره وان السلطة الوطنية الفلسطينية بذلت وتبذل جهودها 100% مائة بالمائة من اجل تحقيق الامن والاستقرار وان شعبنا الفلسطيني كان ولا زال ضحية الارهاب الاسرائيلي فماذا يسمى في العرف الدولي العنف الذي يقترفه المستوطنون ووحدات المستعربين في الجيش الاسرائيلي والذين يمارسون نوعاتهم العنصرية دون ادنى اعتبار لحياة مواطنينا ودون اي احترام للكرامة الانسانية؟ ان الاعمال الاجرامية التي ارتكبها المستوطنون وجنود من الجيش ضد الشيوخ والنساء والشباب والاطفال يندى له جبين الانسانية وان هؤلاء المجرمين لم ينالوا عقابهم وان حوكموا فقد كانت المحاكمات صورية والاحكام هزيلة ونحن حينما نورد هذا فإنما  نرمي من خلاله الى لفت الانظار وتسليط الضوء إننا نطالب بالسلام والامن للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي وإنه فقط بالحوار الهادف والبناء ومن خلال التنفيذ الدقيق والأمين من قبل الحكومة الاسرائيلية لكافة استحقاقات عملية السلام المترتبة عليها وإحترام التفاقات المعقودة بيننا ويمكن مقاومة الإرهاب والعنف الذي لا يقتصر على طرف دون اخر ويكفي أن تعلموا أن إرهابيا اسرائيليا اغتال شريكي في عملية السلام المرحوم إسحق رابين لأنه اختار طريق السلام والمصالحة بديلا للعنف والاحتلال وهو الذي قال إلي متى سنظل نحكم شعبا بقوة السلاح؟

وبالرغم من المأساة التي يعيشها شعبنا في ظل الاحتلال كما في ظل السلام سنبقى نتمسك بالسلام كخيار استراتيجي ثابت لا رجعة عنه لنيل واستعادة حقوق شعبنا الفلسطيني واستقلاله وسيادته على ارضه ومقدساته ونهيب بكم جميعا عمل جل ما بوسعكم لحث الحكومة الاسرائيلية على الالتزام بعملية السلام ومرجعيتها واستحقاقاتها والمبدأ الذي انطلقت على اساسه ألا وهو الارض مقابل السلام والاحترام الكامل لقرارات الشرعية الدولية وشرعة حقوق الانسان وكافة المواثيق والاعراف الدولية حتى يتسنى لنا البدء في مفاوضات الوضع النهائي لإرساء القواعد الراسخة لعملية السلام ولمصير التعاون والتعايش بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي في اطار السلام الشامل والدائم القئم على أساس من الثقة والاحترام المتبادلين وليس على غطرسة القوة والجبروت وفرض الامر الواقع والاملاءات المجحفة.

وإن اتحاد المنظات الاطلسية غير الحكومية يستطيع بما له وللمنظامت المنضوية تحت لوائه من مكانة ووزن على المستويين الاقليمي والدولي الاسهام في تحقيق السلام في منطقتنا منطقة الشرق الاوسط هذه المنطقة التي تتمتع بأهمية جيو سياسية ومكانة حيوية وتأثير على الامن والسلام العالميين وان منطقة الشرق الاوسط لن تعرف الامن والسلام والاستقرار ما لم يتم احقاق الحقوق الوطنية والمشروعة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في الحرية والعودة وتقرير المصير واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ونحن اذ نتمنى لمؤتمركم النجاح في اعماله والخروج بالنتائج التي تتطلعون إليها لنؤكد لكم مرة اخرى بأن السلام سلام الشجعان هو ما نسعى اليه من اجل الاجيال القادمة  في منطقتنا والعالم وهو لا ريب كما أكدنا ذلك مرارا وتكرارا خيارنا الاستراتيجي الثابت الذي لا نكوص ولا تراجع عنه ولا تردد لدينا في صنعه واقامته كشركاء كاملين وعلى قدم المساواة تماما.

واسمحوا لي ان اتقدم بإسمنا جميعا بجزيل الشكر وعميق التقدير لفخامة السيد الرئيس بيتر ستويانوف على رعايته الكريمة لهذا المؤتمر القيم كما نتوجه بكبير الاحترام والتقدير الى السيد سولومون باسي رئيس النادي الاطلسي في بلغاريا ونائب الرئيس لجمعية معاهدة الاطلسي على الجهودالتي بذلها من اجل التئام هذا المؤتمر الذي اتاح لنا تبادل وجهات النظر والاراءومناقشة قضايا في غاية الاهمية والخطورة تمس صلب الامن والسلام العالميين وان هذا التنظيم  الرائع وما رافقه من جهد وحشد لكل الطاقات في سبيل انعقاد هذا المؤتمر من خلال دعوة هذا العدد الكبير من الشخصيات المرموقة لحضوره والمشاركة فيه ليعد انجازا ينظر اليه بكل التقدير مما أضفى على مؤتمرنا اهمية خاصة وزاد نقاشاته ثراء واتساعا وشمولا وتعددية.

فبوركتم أيها الاصدقاء وبوركت جهودكم الخيرة والمثمرة وإننا لن ننسى ان نتوجه بجزيل الشكر وعظيم التقدير الى كافة الذين عملوا في سكرتاريا هذا المؤتمر وكرسوا غاية جهدهم ووقتهم في سبيل انعقاده ونجاح جلساته.

وفي الختام تفضلوا بقبول أسمى معاني المودة والاحترام المقرونة بأصدق امنياتنا لكم جميعا بالصحة والسعادة والتوفيق ولجمهورية بلغاريا وشعبها الصديق باضطراد الرخاء والرفاه ودوام التقدم والازدهار.