كلمة ياسر عرفات بالدورة الثانية للمجلس التشريعي عام 1997

2016-01-14


بسم الله الرحمن الرحيم

"قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"

صدق الله العظيم

الاخ رئيس المجلس

الاخوات والاخوة الاعضاء

السيدات والسادة الضيوف الكرام

باسم الله وعلى بركة الله وبرعايته وباسم الوطن والشعب الفلسطيني وباسم القدس عاصمتنا المقدسة نفتتح الدورة الثانية للمجلس التشريعي الفلسطيني للعام 1997 وبعد انقضاء عام كامل على الدورة الاولى لمجلسكم الموقر والتي كانت بالفعل حافلة بالنشاطات واللقاءات والاتصالات والعمل المتواصل على الصعيد الداخلي والخرجي فاداخليا استطعنا في الدورة الاولى تكريس الحوار والنقاش الديمقراطي البناء الذي اسهم في تعزيز وترسيخ قواعد الديمقراطية الفلسطينية مما اتاح الفرصة اما كل اخ واخت التعبير عن رأيه بحرية وصراحة بما يخدم اهداف شعبنا الفلسطينية السامية في الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية وعلى الصعيد الخارجي تمكن المجلس من اقامة وتطوير العلاقات مع البرلمانات العربية والاسلامية الشقيقة والصديقة من خلال ارسال الوفود وحضور اللقاءات والمؤتمرات البرلمانية وهذا النشاط الخارجي ساهم في شرح ابعاد القضية الفلسطينية من كل جوانبها وبلورة رأي عام عربي واسلامي ودولي داعم ومساند للشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية في الجهود السلمية التي تبذلها من اجل تمكين شعبنا من انهاء الاحتلال الاسرائيلي للارض والمقدسات الفلسطينية ومواصلة مسيرة الاعمار والبناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.

ويشرفني بهذه المناسبة الهامة ان اهنىء الشعب الفلسطيني واهنىء الاخوة اعضاء المجلس على نجاح اعمال المجلس هذه رغم كل الظروف الصعبة والمعقدة التي مر بها شعبنا ومر بها الوطن وخاصة في تأكيد وجوده كمؤسسة تشريعية رائدة في حياتنا الفلسطينية على ارض الوطن مثلما تجسد تواصلا خلاقا مع مؤسساتنا وعلى رأسها مجلسنا الوطني الفلسطيني الذي هو روح وقلب منظمة التحرير الفلسطينية.

ان الحديث عن الانجازات التي تحققت خلال الدورة الاولى للمجلس تبعث في نفوسنا الاعتزاز بما حققناه في هذا الوقت القصير جدا رغم الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي واجهناها ولا زلنا كما ان ذلك يعزز فينا الامل والثقة بالمستقبل وبقدرة شعبنا الفلسطيني من خلال أطره الشرعية سواء التنفيذية او التشريعية او القضائية على مواكبة عجلة التطور والتقدم التي يشهدها العالم والمنطقة وكذلك التواصل والتفاعل مع المتغيرات الاقليمية والدولية بشكل بناء وايجابي.

الاخ الرئيس

الاخوات والاخوة
 

بالرغم من انشغال مجلسكم الكريم في مناقشة التشريعات القانونية والانظمة الداخلية والتي شارك فيها الى جانب اعضاء المجلس الموقرين شريحة كبيرة من ابناء شعبنا الا ان هذا المجلس لم يتوانى لحظة واحدة عن الاهتمام والمشاركة البناءة والمسؤولة في كل مراحل وتطورات ومستجدات عملية السلام وما رافقها من احداث صعبة واحيانا أليمة طالت كل نواحي الحياة عند شعبنا الفلسطيني وبالتالي شكل المجلس سندا حقيقيا للسلطة التنفيذية التي واجهت مفاوضات صعبة وشاقة وتحديات وطنية كثيرة وكبيرة ولا أغالي اذا قلت انها تحديات مصيرية على مدار السنة الماضية وكلي يقين لا يتزعزع بقدرة شعبنا على النهوض بأعباء هذه التحديات وذلك من خلال المشاركة المزدوجة في تحمل المسؤولية الوطنية والقومية بكل ابعادها فكان التفاعل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بناء ومسؤولا.

الاخ الرئيس

ايها الاخوة والاخوات

كلكم تعرفون دقة وخطورة المرحلة المصيرية والصعبة والتحديات الكبيرة التي لا زلنا نمر بها ونواجهها وتتابعون عن كثب وادراك كل مجرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحياتية وغيرها من القضايا التي تمس شعبنا ومستقبل اجيالنا ومستقبل الوطن الا ان ما يجري من مصاعب وتعقيدات يفرض علينا مواجهة السؤال الكبير هل كان خيارنا السلمي الذي  بدأناه في هذا الفصل الهام من مسيرتنا الوطنية الكبرى خيارا سلميا؟ وهذا سؤال يثور من داخلنا ومن حولنا كلما تعرضت مسيرة السلام لاخطار او تراجعات او نكسات ــــ واجد نفسي بحاجة واضحة للاجابة الصريحة والمسؤولة عنه ـــ اقول بثقة ويقين لقد كان خيار السلام الذي اقره مجلسنا الوطني والتشريعي خيارا سليما اتخذناه بيقين منا بأن السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة وعلى كل المسارات العربية الاخرى هو الكفيل بتحقيق اهدافنا الوطنية في ظل الظروف المحلية والدولية وعلى قاعدة تحقيق حقوقنا الوطنيةغير القابلة للتصرف بما فيها حقنا في العودة وتقرير المصير واقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وكما تعلمون فقد اوفينا بالتزاماتنا الواردة في الاتفاقات المبرمة مع حكومة اسرائيل وقمنا ببذل كل جهد ممكن من اجل المحافظة على الامن والاستقرار الى جانب جهودنا لاعادة اعمار البنية التحتية التي دمرها الاحتلال الاسرائيلي تدميرا كاملا علما بأن اعادة الاعمار والبناء لمؤسساتنا الوطنية ومرافقنا الحيوية واجهت عقبات كبيرة بسبب سياسة الاغلاق والحصار الاسرائيلي المتواصل مما ألحق افدح الخسائر بالاقتصاد الفلسطيني الناسىء وضاعف من معاناة شعبنا.

وبالمقابل فقد عندت الحكومة الاسرائيلية الى استخدام اسلوب المماطلة والتسويف والتهرب من تنفيذ التزاماتها الواردة في الاتفاقات المبرمة معها وخاصة فيما يتعلق بالجدول الزمني لاعادة الانتشار ونقل الصلاحيات والمسؤوليات وتحويل المستحقات المالية من الجمارك والضرائب للسلطة الوطنية الفلسطينية وقد تميزت كافة مراحل المفاوضات التي جاءت لوضع الية لتطبيق اتفاق اعلان المبادىء مع الجانب الاسرائيلي بالتعنت والتهرب ووضع العراقيل والعقبات امام التطبيق العملي للاتفاق وتارة تحت حجج امنية وتارة اخرى بأن المواعيد غير مقدسة  والخروج بتفسيرات للاتفاق تتناقض مع مرجعية عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية وفي كل مرة وصلت فيها المفاوضات الى الجمود كنا نحرص على مناشدة كافة القوى المعنية من اشقاء واصدقاء بتحقيق السلام ببذل مساعيها وجهودها المخلصة من اجل الخروج من حالة الجمود والتردي كي تتواصل مسيرة السلام الذي اختاره شعبنا عن قناعة وايمان عميق باعتباره خياره الاستراتيجي الذي لا رجعة عنه.

وقد تفاقم الوضع وازدات الامور تعقيدا بعد استلام الحكومة الجديدة للسلطة في اسرائيل اثر الانتخابات الاسرائيلية التي جرت في منتصف العام الماضي وخاصة ان هذه الحكومة الاسرائيلية جاءت ببرنامج انتخابي متطرف لارضاء الاحزاب الدينية المتطرفة والمعادية لعملية السلام ولحقوق الشعب الفلسطيني مما زاد تعثر المفاوضات والجهود المبذولة من اجل دفع عملية السلام الى الامام على كافة المسارات وعند استلام هذه الحكومة لمسؤولياتها الدستورية بدأت تتزايد وتيرة التصريحات الرسمية الاسرائيلية فيما يتعلق بدعم وتوسيع النشاطات الاستيطانية وعدم الالتزام بما وقعت عليه الحكومات الاسرائيلية السابقة وطرح تفسيرات جديدة لاتفاق اوسلو وما تلاه من اتفاقات مكملة والخروج على مرجعية عملية السلام وذلك باستبدال "مبدأ الارض مقابل السلام" بمقولة السلام مقابل السلام والامن مقابل السلام مما شكل انتهاكا فاضحا لمرجعية مؤتمر مدريد ولقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة.

وقد أدت هذه السياسة المتعنتة الى تجميد المفاوضات على المسارين السوري واللبناني واسهمت في تأزم الوضع وزيادة حدة التوتر وتعثر المفاوضات بشكل خطير على المسار الفلسطيني .

وكذلك واصلت هذه الحكومة انتهاكاتها واستفزازاتها واجراءاتها التعسفية وخاصة ما قامت به من حصار واغلاق تام لمناطق السلطة الفلسطينية وفرض طوق امني عليها بالاضافة الى قيامها بانتهاج سياسية العقاب الجماعي وفرض الامر الواقع من خلال مواصلتها لنشاطاتها الاستيطانية ومصادرة الاراضي الفلسطينية واقامة الطرق الاتلفافية ومنع  الاستيراد والتصدير من والى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية وأدت هذه الاجراءات والممارسات القمعية اليومية الاسرائيلية ضد شعبنا الى شحن النفوس وتأجيج المشاعر ودفعت الامور نحو نقطة الانفجار التي اندلعت شرارتها بسبب اقدام حكومة اسرائيل على اتخاذ قرارها بفتح النفق تحت السور الغربي للمسجد الاقصى المبارك مما ولد موجة كبيرة من الغضب والسخط عمت ارجاء الوطن لدى شعبنا الفلسطيني الذي خرج مسيرات احتجاج سليمة واستنكارات حاشدة ضد هذا القرار الاسرائيلي الذي شكل اعتداء صارخا على قبلة المسلمين الاولى وعلى المقدسات الاسلامية والمسيحية.

وقد واجهت جماهير شعبنا الغاضبة هذا القرار الاسرائيلي المبيت بكل شجاعة وتصدت ببسالة للقوات الاسرائيلية التي اطلقت نيران اسلحتها بأوامر من الحكومة الاسرائيلية الحالية على المدنيين الفلسطينيين مما ادى الى سقوط اكثر من ثمانين شهيدا وجرح ما يزيد عن الف وخمسمائة مواطن معظمهم من الاطفال والشباب العزل.

وبالرغم من النداءات الدولية واتخاذ مجلس الامن الدولي للقرار 1073 القاضي باغلاق هذا النفق الا ان حكومة اسرائيل لم تذعن لهذا القرار ولكافة القرارات الدولية ذات الصلة بالقدس العربية المحتلة.

الاخ الرئيس

الاخوات والاخوة الاعضاء

تعلمون انه بعد مفاوضات عسيرة وشاقة احتاجت من حين الى لاخر الى جهود و وساطات الاشقاء والاصدقاء توصلنا الى توقيع البرتوكول الخاص بتنفيذ اتفاق الخليل الذي تم بموجبه اعادة انتشار القوات الاسرائيلية من مدينة الخليل مما عزز الامال وخلق اجواء ايجابية من شأنها المساعدة على تطبيق البنود العالقة في الاتفاق الانتقالي واعطاء دفعة كبيرة لاستئناف مفاوضات الوضع النهائي.

ولكن الامال والاجواء الايجابية التي تحققت اثر توقيع بروتوكول الخليل سرعان ما تبددت وتلاشت بسبب قرار الحكومة الاسرائيلية المخطط له لمصادرة الاراضي لاقامة مستوطنات جديدة وخاصة في القدس الشريف وحولها بما فيها ابو غنيم واعلانها من جانب واحد عن قرارها باعادة  الانتشار من 2% من المنطقة (ج) والذي كان بمثابة الخديعة والمؤامرة على مواصلة عملية السلام.

ان هذه القرارات الاسرائيلية الخطيرة وخاصة قرار الاستيطان في جبل ابو غنيم لا تمس عملية السلام فحسب بل تمس كذلك وبشكل خاص وضع مدينة القدس العربية التي لا تعني الفلسطينيين فحسب بل تعني ايضا الامة الرعبية والاسلامية والمسيحيين في العالم.

بالاضافة الى ذلك فان هذا القرار يشكل انتهاكا فاضحا لقرارات الامم المتحدة وخاصة المتعلقة منها بقضية القدس كالقرار 252 والقرار 478 اللذان لا يجيزان ضم مدينة القدس العربية وصولا الى القرار الذي اتخذته بالاجماع الجمعية العامة بالامس القريب والذي يرفض قرار اسرائيل بالاستيطان في جبل ابو غنيم ويدعو حكومتها الى وقف كافة انشطتها الاستيطانية التي تعتبر في مجملها محاولة اسرائيلية لتقرير مصير ومستقبل القدس قبل البدء في مفاوضات الوضع النهائي والتي تشكل قضية القدس اهم وابرز قضاياها الرئيسية.

ان الحكومة الاسرائيلية تسعى بكل الوسائل وكلها غير مشروعة بالطبع الى تفريغ عملية السلام من محتواها وسلب هذه العملية ومرجعياتها القانونية والدولية ومحاولة طرح سياسة الاملاءات لقرارات تتخذ دون علمنا مما لا يمكن القبول به ولقد رفضنا المقايضات المطروحة وكذلك مهزلة اعادة الانتشار من 2% من المنطقة (ج) واصررنا على عدم المس بمرجعيات السلام الموثقة والموقعة دوليا وكذلك عبرنا عن اصرارنا على التنفيذ الدقيق والامين لهذه الاتفاقيات المبرمة.

ان العالم كله يشاطرنا هذا الفهم حين ادان الساسة الاسرائيلية بالاجماع وكم كان بودنا لو لم تستخدم امريكيا حق الفيتو ضد هذا الاجماع الدولي او معارضة قرار الجمعية العامة للامم المتحدة ونخص بالذكر الان انعدام الثقة بالجانب الاسرائيلي وخاصة من الطرف العربي الذي هو امتداد طبيعي للتأزم الحاد على المسار الفلسطيني وهناك تنسيق دقيق وشامل مع الشقيقة مصر ومع رئيسها فخامة الاخ الرئيس حسني مبارك وكذلك مع الاردن وجلالة الملك حسين والمؤتمر الاسلامي ولجنة القدس برئاسة جلالة الملك الحسن الثاني وموقف دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية وجلالة الاخ الملك فهد وكذلك موقف اليمن وتونس ورئيسها فخامة الاخ زين العابدين والجزائر وبقية الدول العربية والاسلامية.

وفيما يتعلق بقضية القدس الشريف على الحكومة الاسرائيلية ان تدرك ان هذه المسألة لا تقبل المساومة وهي خط احمر فلسطيني وعربي واسلامي ومسيحي اذ لا سلام ولا استقرار بدون عودة القدس الشريف عاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة فالقدس هي في وجداننا وقلوبنا وفي وجدان وضمير الامتين العربية والاسلامية وكافة المؤمنين مسيحيين ومسلمين.

كما انه عليها ان تدرك تماما بأن الاستيطان كالارهاب لا يلتقي مع السلام العادل والمتكافىء كما ان سياسة الاغلاق والحصار والعقاب الجماعي تتنافى كليا مع روح السلام الذي نشارك في صنعه كطرف اساسي وهام كذلك فان سياسة الاملاءات وفرض الامر الواقع وهدم البيوت وترحيل السكان ومصادرة الهويات من ابناء شعبنا في القدس الشريف لا تخدم بتاتا الجهود المبذولة لاقامة جسور من الثقة المتبادلة والتفاهم والتعايش والتي على اساسها سيتوطد ويقوم سلام الشجعان الذي نعمل من اجله في المنطقة.

الاخ الرئيس
الاخوات والاخوة

ان مجمل هذه التطورات والتعقيدات الخطيرة التي شهدتها المسيرة السلمية دفعت بالقيادة الفلسطينية الى الدعوة لعقد مؤتمر غزة الدولي لانقاذ عملية السلام من الازمة الحادة التي نشأت بسبب قرارات واجراءات الحكومة الاسرائيلية الحالية.

وكان الغرض من عقد هذا المؤتمر هو وضع كافة الاطراف الموقعة والشاهدة على ابرام الاتفاق الانتقالي بتاريخ28/9/1995 امام مسؤولياتها تجاه عملية السلام لاخراج هذه العملية من المأزق الذي الت اليه ودفعها الى الامام وقد جاءت هذه الخطوة الضرورية انسجاما مع التزام الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية بانجاح عملية السلام على كافة المسارات التفاوضية حتى يكون السلام عادلا وشاملا ودائما .

وشكل حضور ومشاركة كافة الاطراف المعنية بالسلام دعما للموقف الفلسطيني العادل واشارة واضحة على التزام هذه الاطراف بحماية وانقاذ عملية السلام من الانهيار وذلك بايجاد الية تضمن التطبيق الدقيق والامين للاتفاقات الموقعة الية من شأنها ضمان عدم قيام اي طرف باجراءات من جانب واحد من شأنها استباق او الاجحاف بقضايا الوضع النهائي.

ولكن للاسف الشديد لم تستجب حتى الان الحكومة الاسرائيلية للنداء الصادر عن مؤتمر غزة والمناشدات والوساطات الدولية ولم تلتزم بالقرار الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة حيث تواصل هذه الحكومة التاكيد على بدء البناء في جبل ابو غنيم حتى لو وقف العالم باسره ضدها .

وبالفعل بدأت اليوم 18/3/1997 بتنفيذ قرارها ان هذا الموقف الاسرائيلي المتعنت يعكس مدى الغطرسة والاستهتار بارادة المجتمع الدولي وبقرارات الشرعية الدولية وبالاتفاقات الموقعة.

ان استمرار هذا الموقف الاسرائيلي اللامسؤول يهدد بتدمير ونسف عملية السلام برمتها ويهدد الامن والاستقرار في المنطقة ويعيدها الى دائرة العنف والدمار.

الاخ الرئيس 
ايتها الاخوات ايها الاخوة

في ظل الظروف الصعبة ولمواجهة التحديات الكبيرة والمفروضة علينا فاننا احوج ما نكون الى تعزيز وتمتين وحدتنا الوطنية المقدسة عن طريق مواصلة وتعميق الحوار الوطني الذي بدأناه في مؤتمر نابلس والذي شاركت فيه كافة الفصائل والقوى الوطنية وسنواصل هذا التوجه باعتبار وحدتنا الوطنية الضمانة الاكيدة لتحقيق اهدافنا الوطنية السامية وللتغلب على كافة المعوقات والعراقيل التي تقف في طريقنا والتي تتطلب منا جميعا بذل كل الجهود والتضحيات.

وبهذه المناسة لا بد لنا ان نسجل بفحر واعتزاز التضحيات العظيمة التي قدمها شعبنا على مدار تاريخه النضالي والتي تجسدت بعودتنا وباقامة سلطتنا الوطنية الفلسطينية على ارض الوطن واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

اننا ايتها الاخوات والاخوة نقف بخشوع واجلال امام قوافل الشهداء والجرحى من ابناء شعبنا الفلسطيني الذين لولا تضحياتهم بأغلى ما يملكون ما كنا هنا لنجتمع في غزة. فلهم الرحمة والمجد والخلود ولأبنائنا الجرحى الشفاء وكذلك نتوجه بالتهنئة والتحية لأسرانا الذين تحرروا من قيود الاسر وزنازين الاحتلال ونعاهد الاسرى الذين لا زالوا يقبعون في سجون الاحتلال ببذل كل ما في وسعنا لاطلاق سراحهم ولن يهدأ لنا بال الا بعودتهم الى اهلهم وذويهم ليساهموا في مسيرة البناء لوطننا العزيز فلهم جميعا كل التحية والاكبار على صمودهم وصبرهم وثباتهم.

الاخ الرئيس
الاخوات والاخوة الاعضاء

اسمحوا لي ان اتوجه من على هذا المنبر ومن رحاب مجلسكم الموقر باسم الشعب الفلسطيني وباسمكم بالتحية والتقدير للموقف القومي الاصيل والشجاع لجمهورية مصر العربية الشقيقة بقيادة اخي فخامة الرئيس محمد حسني مبارك.كما نتوجه بالشكر والتقدير للموقف الشجاع للاردن الشقيق بقيادة اخي جلالة الملك حسين.

كذلك نتوجه بالتقدير العميق لدول التحاد الوروبي الصديقة على موقفها الداعم والمؤيد لجهودنا من اجل مواصلة مسيرة السلام وعلى المساعدات القيمة التي تقدمها لمساعدتنا في عملية اعادة الاعمار والبناء والتنمية.

كما ننوه باهتمام وحرص الادارة الامريكية وخاصة بالجهود المخلصة لفخامة السيد الرئيس كيلنتون الذي يولي اهتماما كبيرا وحرصا صادقا على انجاح وتقدم عملية السلام وكذلك تقديرنا للراعي الروسي لعملية السلام فخامة الرئيس يلتسين وكذلك لا بد لنا من توجيه الشكر والتقدير لحكومة وشعب اليابان الصديق على موقفهم الداعم لنا سياسيا واقتصاديا وكذلك الى الصين وموقفها الداعم لنا ولحقوقنا وكذلك الى دول عدم الانحياز مواقفها مع الحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني.

ونتوجه كذلك بالشكر الجزيل للنرويج حكومة وشعبا على جهودها المتواصلة لدفع عملية السلام الى الامام وعلى دعمها وتأييدها لنا ولسلطتنا الوطنية الفلسطينية.

كل الشكر والتقدير ايضا للدول الشقيقة والصديقة التي تقف معنا وبثبات وخاصة في هذه المرحلة الدقيقة لتعزيز الموقف الفلسطيني في مواجهة كل التحديات والمخاطر التي تهدد عملية السلام العادل والشامل والدائم الذي نتمسك به وندافع عنه بقوة.

الاخ الرئيس
ايتها الاخوات والاخوة

ندرك جميعا ان التحديات الراهنة والمستقبلية كبيرة ونعي جيدا حجم المخاطر والصعاب التي تواجه شعبنا الفلسطيني وبأن الطريق لا يزال طويلا مما يفرض على مجلسكم الموقر مسؤوليات جسام ومهام كبيرة تتطلب منكم حشد الطاقات والاستنفار لمواجهة هذه التحديات والعقبات بروح من المسؤولية الوطنية ومواصلة التضحية والبذل والعطاء الذي عهدناه فيكم جميعا.

كما ان المرحلة تفرض عليكم القيام بدور اساسي وفاعل لتأطير الحوار الوطني وتعميقه وتزيزه وصولا الى تحقيق اهدافنا السامية في المحافظة على وحدتنا الوطنية المقدسة وتحقيق التطلعات المشروعة لشعبنا الفلسطيني في الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.

فالعهد هو العهد والقسم هو القسم ولنواصل معا وسويا العمل من اجل اقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي سنصلي فيها جميعا بعونه تعالى والتي نأمل ان ينعقد مجلسكم الموقر في ربوعها في دورته القادمة.

"وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة"

"ولينصرن الله من ينصره"

صدق الله العظيم

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته