حديث ياسر عرفات حول بعض القضايا الراهنة لحركة المقاومة. [1972/5/28]

2015-12-07

س- الوحدة الوطنية مطلب ملح وأساسي بالنسبة لشعبنا وثورته المسلحة فما هي الخطوات التي قطعتها الثورة على طريق الوحدة بعد المجلس الوطني الأخير وتطبيقا لقراراته وتوصياته وما هي العقبات التي تقف في طريق الوحدة الوطنية؟

ج- الحقيقة أن قضية الوحدة الوطنية قد ضخمت بأكثر من حقيقتها وتضخيمها مقصود لمحاولة النيل من الثورة الفلسطينية إنهم يحاولن دائما أن يقولوا إن الثورة الفلسطينية غير متحدة والثورة الفلسطينية منقسمة ولكن الحقيقة انه على الرغم من انه كانت هناك محاولات لخلق تنظيمات داخلها كان من أهدافها أن نتقاتل فيما بيننا وان نحمل السلاح في وجه بعضنا البعض فان وعي الثوار الفلسطينيين ووعي الثورة الفلسطينية كان اكبر من كل ما رسم له وهذا ما نعتز به الثورة الفلسطينية.

لقد استطعنا أن نجد طريقا ديمقراطيا للحوار فيما بيننا صحيح أن هذا الحوار في بعض لحظاته كان متعبا وطويلا ولكنه وهذا هو الشيء الهام استطاع أن يحفظ الدم الفلسطيني وان يحفظ وحدة الثورة الفلسطينية وان يرسي تقاليد في منتهى الأهمية هذه التقاليد الديمقراطية تبنتها الثورة الفلسطينية في كل ما يعترض طريقها سواء كانت على صعيد الوحدة وفي سبيلها أو في القضايا المطروحة عليها نحن وضعنا صيغة أساسية هي الصيغة الديمقراطية ونحن فخورون بهذه الصيغة الديمقراطية التي وصلنا إليها.

س- تستطيع أن تقول أن هناك خطوات جادة على طريق الوحدة الوطنية؟

ج- يكفي أن أقول لك بداية نحن اتبعنا طريقا واتفقنا فيما بيننا فبدل أن يكون السلاح هو الحكم كان الرأي والحوار الديمقراطي الصحيح هو الحكم ولقد اتفقنا فيما بيننا على أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الجبهة التي تجمع كل القوى الفلسطينية سواء في حركة المقاومة أو التنظيمات الشعبية أو قوى المستقلين الملتزمين بالثورة وهذا بحد ذاته مكسب هام لقد أصبح للفلسطينيين جميعا إطار واحد إننا نختلف ونتفق ونتحاور وهذا دليل الصحة إننا دائما نسعى إلى الأحسن والمزيد من القوة للثورة الفلسطينية ولذلك اعتبر أن الحوار بيننا داخل الثورة الفلسطينية هو الطريق الصحيح وهو القوة التي تفخر بها الثورة الفلسطينية في هذا الخضم من المنطقة وان كان البعض يتصور أن هذه التناقضات لا يمكن حلها وإنها تعطل مسيرة الثورة إنني أريد أن أقول انه ليس هناك من ثورة بدون متاعب وان الذين يتصورون أن الثورة أحلام وردية ليسوا ثوارا ولا يعرفون الثورة ، الثورة عبارة عن جهد وتعب ومشاق وتضحيات وهي عبارة عن دماء تسيل ومسؤوليات تجاه الشهداء وتجاه السجناء وتجاه الأسرى كما هي مسؤولية تجاه شعبنا ومسؤولية تجاه الأمة العربية الثورة ليست هينة .

اذكر أن ثائرا عربيا قال لي لا تنسى يا رفيق أبو عمار إن إعجاز الثورة الفلسطينية أنها تعمل في وسط جزيرة ومع ذلك فهي تسير إلى هدفها الصحيح وهذا في حد ذاته إعجاز لها وإنني أقول أن ما حققته الثورة الفلسطينية حتى الآن يعتبر إعجازا.

نعود إلى الموضوع فأقول لقد جعلنا منظمة التحرير هي الإطار وهذا الإطار فيه مجلس وطني وكل القوى الفلسطينية ممثلة في هذا المجلس وهناك أيضا لجنة تنفيذية وهي نتيجة انتخاب شرعي ديمقراطي من خلال المجلس الوطني ثم هناك برنامج سياسي اتفق عليه بعد تعديله في آخر مجلس وطني من كافة القوى.

ولقد بدأنا في تنفيذ الوحدة واستطعنا أن نصل إلى وحدة إعلامية وليس هذا شيئا هينا لقد أصبح لدينا جريدة مركزية واحدة هي جريدة فلسطين الثورة كما أصبح ليدنا وكالة أنباء فلسطينية واحدة لأول مرة هي وكالة الأنباء الفلسطينية وفا ولدينا إذاعات كانت تذيع باسم صوت العاصفة وإذاعة الجماهير وإذاعة اللجنة المركزية والآن توحدت كلها لتذيع باسم صوت فلسطين صوت الثورة الفلسطينية وسيظل هذا الصوت يدوي إلى حين النصر.

وفي مجالات أخرى فلقد شكلنا مجلسا عسكريا وهذا بحد ذاته انجاز عسكري كبير فالمعارك الأخيرة في جنوب لبنان التي استمرت أربعة أيام والمعارك البحرية الأخيرة كانت تحت إشراف وقيادة المجلس العسكري الأعلى الموحد وليس معنى هذا انه لا يوجد لدينا متاعب عندنا متاعب ونحن يجب أن نكون صريحين لذلك فالتناقضات العربية تؤثر تأثيرا كبيرا في الثورة الفلسطينية وان ننكر هذه الحقيقة نكون كالنعامة التي تخفي رأسها في الرمال إننا نعرف هذه التناقضات ومع ذلك نحن نسعى سعيا كبيرا حتى لا تؤثر هذه التناقضات في المسيرة الثورية وإننا بالحوار والاتصالات وبالعمل الدائب نستطيع أن نتخطى هذه المتاعب.

س- بعد المجلس الوطني الأخير حدثت تطورات منها على سبيل المثال تصاعد عمليات الثورة في الداخل وتصاعد حركة الجماهير الرافضة للاحتلال في غزة وفي الأراضي المحتلة قديما عام 1948 والضفة الغربية وفي مقابل تصاعد عمليات الجماهير هناك سعي متواصل لتصفية القضية الفلسطينية عن طريق بدائل عملية يخلقها العدو الصهيوني ونظام الملك حسين فما هو رأيك في مستقبل الثورة وحركة الجماهير في الوطن المحتل وما هو رد الثورة على هذا كله؟

ج- يحضرني في هذا المجال رسالة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى الكونغرس الأمريكي عندما كشف دور أمريكيا في تصفية الثورة الفلسطينية الثورة لم تصف الثورة في الأردن ولكن صفي شكلها العلني وثوارنا الموجودون داخل السجون والمعتقلات حوالي 8000 معتقل وثوارنا الموجودون في كل مكان في الأردن تحت الأرض كما في الأرض المحتلة كل هذا وان اختلف شكل النضال يعني مستقبل الثورة.

ويحضرني كذلك ما كتبه المعلق الأمريكي المشهور في النوزويك قبل ثلاثة أو أربعة أسابيع حيث كشف بصراحة ووضوح دور أمريكيا في محاولة تصفية الثورة الفلسطينية ولا أقول في تصفية الثورة لان أمريكيا لا تستطيع أن تصفي الثورة الفلسطينية قال المعلق إن أمريكيا تعتبر أن الثورة الفلسطينية تهدد الأمن القومي الأمريكي مثلما هددت الصواريخ في كوبا الأمن القومي الأمريكي.

وهذا يفسر الموقف الأمريكي المعادي للثورة الفلسطينية والدعم الهائل لأعداء الثورة الفلسطينية سواء نظام الملك حسين أو إسرائيل وتعرف دور الأسطول السادس وكيف أن نيكسون كشف عن أن هناك خمس فرق كانت في الإنذار

وان أمريكيا أقامت جسرا جويا لإيصال المعدات والأسلحة إلى الجيش الأردني في محاولة القضاء على الثورة الفلسطينية ويحضرني شيء آخر فبعد معارك جرش وعجلون وبعد الخيانة التي ارتكبت ضدنا وكانت هناك وساطة عربية ومع ذلك ذبحنا بعمل خسيس ودنيء تحت الراية الخضراء.

هناك تقرير للمخابرات المركزية الأمريكية يقول انه لن يمضي الشهر العاشر حتى تكون الثورة الفلسطينية قد صفيت ولم يمض الشهر العاشر من عام 71 حتى جندل أربعة من ثوارنا الخائن وصفي التل وسوف يظل ثوارنا يلاحقون جميع الخونة في الأمة العربية ثم يأتي عام 72 لتمسك الثورة  الفلسطينية الأحداث في المنطقة العربية بيد من حديد من خلال المعارك البرية والبحرية التي خضناها ضد العدو في جنوب لبنان ومرة أخرى يثبت الثوار الفلسطينيون وجودهم في المنطقة العربية وضيق عليهم فاتجهوا إلى قلب أرضنا المحتلة وقد قالت إحدى الجرائد الصهيونية هاموديع لقد انتقلت قضية الأمن من الحدود إلى قلب تل أبيب وزير الشرطة قال حرفيا انه محتاج إلى 1200 شرطي ليستطيع السيطرة على الأمن في المنطقة الوسطى أي لواء مشاة كامل معنى ذلك أن الثورة دائما قادرة على الإبداع وعلى الوصول إلى أي مكان تريد سواء في الداخل أو في الخارج أو في أي مكان وهذا إبداع الثورة ، الثورة الفلسطينية إنها إذا حوصرت في أي مكان تستطيع أن تعمل في مكان آخر وإذا ضيقوا الخناق عليها في جبهة انبثقت من جبهة أخرى وهذه هي قوة الثورة الفلسطينية وإعجازها. ويحضرني عندما اسمع عن العمليات المتصاعدة في وطننا المحتل شعبنا البطل في غزة عندما جاء الشوا بعد زيارة الملك حسين واتفق معه ظن الشوا أن شعبنا قطيع من الغنم وإذ بشعبنا في غزة يتصدى له بالمظاهرات ويقول له: أنت لا تمثل إلا نفسك نحن مرتبطون بالثورة ويفجروا قنابلهم في وجه الاحتلال أول أمس فجر ثوارنا قنبلة في غزة.

شعبنا الأصيل هو شعبنا في أقرت وكفر برعم الذي عاد إلى أرضه رغم التعذيب والسجن والوحشية الإسرائيلية بعد ثلاث وعشرين سنة. هذا هو شعبنا الأصيل الذي لا يخون ولا يبيع وشعبنا الثابت في مواقعه سيستمر وسيكون شعلة ونقطة استقطاب لكل امتنا العربية وأنا فخور بانتمائي إلى هذه الثورة وبانتمائي إلى هذا الشعب الذي يشكل جزءا من الأمة العربية وطليعة ثورية من طلائع امتنا العربية. وأنا واثق من أن امتنا العربية ستنتصر رغم كل الظلام الذي يحاول بعض المشككين أن يحيطونا به فامتنا العربية انتصرت على التتار والصليبيين وستنتصر حتما على الصهيونية هذه امة عظيمة نحن نتحمل خسائر ألف وألفين ومليون ومليونين لكن العدو لا يتحمل الخسائر فشعبنا أصيل يتحمل ومستعد لان يعطي الشهيد وراء الشهيد.

س- في مواجهة التصاعد في مد الثورة وحركة الجماهير الرافضة هناك محاولات من الملك حسين جاهزة ولاهثة وسريعة تحاول أن تنفذ مشروعه الذي هو في الحقيقة مشروع آلون – سيسكو .

من خلال زياراتك الأخيرة ما هي حقيقة الموقف العربي تجاه هذا المشروع وهل سينجح هذا المشروع؟

ج- دعني من المواقف العربية أريد أن أتكلم شيئا عن شعبي لا احد يستطيع أن يفرض على شعبنا أي شيء هذه هي السنة السادسة والعدو لم يستطع أن يفرض على شعبنا أي شيء أو يوقف شعلة الثورة في هذا الشعب.

كما قلت وكما خرج بيان المجلس الوطني لا يوجد هناك شيء اسمه مشروع الملك حسين المشروع يسمى مشروع حسين – آلون – سيسكو هذا المشروع هو الذي يحاولون تطبيقه في المنطقة العربية وكان هذا ظاهرا في رسالة نيكسون الثانية إلى الكونغرس والتي قال فيها : إن الشعب الفلسطيني يضغط على ضمائر الحكام العرب لإيجاد كيان له ولا بد من إيجاد هذا الكيان على أن يكون بعيدا عن أيدي الهدامين ويقصد به المخربين من الأسماء التي تطلق على الثوار ولذلك يتحرك حسين كلما وجد نقطة ضعف في المنطقة العربية لسبب أو لآخر ويحاول أن يبرز مرة أخرى ويستقطب العملاء في الضفة الغربية بالأموال ولو كان شعبنا يريد مالا لخضع للاحتلال منذ خمس سنوات ولو كان شعبنا يريد مالا لما ترك أبناؤنا في الخليج والمناطق الأخرى أعمالهم وثرواتهم والتحقوا بالثورة الفلسطينية ولخضع لمغريات الهجرة إلى كندا واستراليا وغيرهما .وكما قلت الناس الذين قالوا نحن نجلس في الزرائب في بيوتنا في كفر برعم وأقرت هذا شعب متمسك بأرضه ولا يمكن أن يتخلى عنها تريزا التي ولدت في الأرض المحتلة عام 48 هي اكبر مثال على صمود وروعة هذا الشعب.

ولدت عام 48 وتعلمت في المدارس العبرية ثم بعد ذلك هربت والتحقت بالثورة ورجعت مرة أخرى هي وريما البطلة الأخرى والشهيدان الآخران البطلان أبو نضال وعبد العزيز الأطرش ليوقفوا القيادة الصهيونية 23 ساعة كاملة في المطار ولولا الخديعة التي اشترك فيها الصليب الأحمر الدولي لما كان من الممكن التغلب عليهم تريزا في حد ذاتها مثال لمعجزة الصمود في امتنا العربية أهلنا من عام 48 لا يستطيعون أن ينسوا أنهم جزء لا يتجزأ من الشعب المكافح العظيم وأهلنا في غزة رغم كل المحاولات لربطهم بعجلة الخيانة في عمان ظلوا صامدين يقولون أنهم جزء لا يتجزأ من هذه الثورة وشعبنا في الضفة الغربية رغم كل المحاولات التي حاولوها في الانتخابات لم يتقدم للانتخابات أكثر من 4% فقط.

س- الملك حسين ينفذ كل مشاريعه في ظل الصمت العربي وفي ظل الجمود العربي لكن في زيارتك الأخيرة لمست مواقف عربية تجاه مشاريع الملك فهل تحدثنا عنها؟

ج- في الحقيقة في كل المناطق التي زرتها في جمهورية مصر العربية وليبيا وتونس والجزائر قابلت عددا من المسؤولين ومن مختلف المستويات فوجدت تفهما وموقفا صلبا مع الثورة الفلسطينية وربما سمعت عن البلاغ المشترك مع الجزائر وصحيح ليس فقط كلمات بل هو تعبير صحيح وكما شاهدت كيف يسير الإخوة في ليبيا بإخلاص لتجنيد المتطوعين العرب الذين وصل عددهم إلى الآن ثمانية آلاف متطوع عربي وهذا يؤكد إيمان الجماهير العربية بالقتال في هذا الوقت الذي توجد فيه عملية جزر وحصار.

هذه هو إعجاز امتنا العربية وأنا متأكد أن عدد المتطوعين ستضاعف في الأشهر القادمة وكذلك وجدت هنا في مصر موقفا مؤيدا وفي تونس أمام كل السفراء العرب أعلنوا أنهم مع الشعب الفلسطيني والثورة الفلسطينية وهذا موقف رسمي أعلن في الصحف والذي أريد أن أقوله : انك إذا لم تساعد نفسك في البداية فالناس لن تساعدك وإذا لم تثبت وجودك بغض النظر عن كل المواقف الشريفة التي تقف مع الثورة الفلسطينية فالناس لا تساعدك العمليات الأخيرة المتصاعدة لا تتصور كم كان لها من صدى واسع في كل المنطقة التي زرتها.

بالنسبة لمشروع الملك حسين الكل مجمع على أن هناك عملية خيانة ترتكب بفتح الجسور والتعامل وخطوات تجاه مشروع سيسكو – آلون – حسين ولكن ستتحطم جميعها على صخرة صمود شعبنا وصمود الأمة العربية أنا متأكد بلا شك إنما نحتاج فقط إلى مزيد من الجهد ومزيد من العمل فنحن نرى في هذا الوقت كيف تناضل الشعوب فالشعب الجزائري مثلا قدم مليون ونصف المليون من الشهداء وإخواننا الجزائريين قد فرض عليهم كما فرض علينا ومع هذا استمرت الثورة قالوا لهم ما رأيكم في اخذ الصحراء والنصف الجنوبي من الجزائر أو في الحكم الذاتي فرفضوا لان الجزائر لا تتجزأ وعندما بدأت الثورة كان الناس لا يصدقون أن الجزائر يمكن أن تتحرر من حكم فرنسا ولكن مع مليون ونصف مليون شهيد تحررت بعد 18 سنة.

الثورة الفلسطينية أيضا كان الناس يقولون إنها عبارة عن ثورة لاجئين يقفون في الطابور بانتظار صدقات الأمم المتحدة. الآن ممثلو الثورة الفلسطينية في كل مكان يعاملون على أنهم ثوار لأنهم يمثلون فعلا شعبا ثائرا أصيلا.

الضعفاء والمتخاذلون لا مكان لهم تحت الشمس.

س- نستطيع أن نفهم من كلامك ومن محادثاتك مع الدول العربية وإدانتكم لمشروع الملك حسين والخطوات التآمرية انه ليس هناك محاولات للوساطة كما نقلت بعض وكالات الأنباء أو لإعادة مهمة الوساطة بين الثورة الفلسطينية والنظام العميل في الأردن؟

ج- لقد فوجئت بان بعض وكالات الأنباء نقلت شيئا من هذا القبيل هناك بعض الناس من الذين يتخيلون المعارك على طريقة دون كيشوت الذي كان يحارب المراوح وهناك بعض الناس في بيروت تخيلوا شيئا من هذا القبيل رغم انه لم يحدث شيء ورغم أن الملك حسين أرسل وفدا قبل أيام إلى مصر وسورية لمحاولة من هذا القبيل وحاول الوفد الاتصال بنا إلا أننا رفضنا الاتصال به والشيء الهام في هذا الموضوع انه لا نتخيل أشياء ونتحدث عنها فموقفنا ثابت لأنه إذا كان هناك إخلاص فهو يعني كما قال إخواننا في مصر وسورية للوفد الأردني بناء الجبهة الشرقية بناء حقيقيا أي أن تدخل الجيوش العربية ويقف الجيش الأردني على الحدود مع العدو لا على الحدود السورية أو العراقية وإذا نفذ بناء الجبهة الشرقية كان هناك حديث آخر أما الآن فيوجد بيننا 25 ألف شهيد وجريح بيننا نهر من الدم هناك مشروع اتفاق مع العدو الصهيوني هناك عملية خيانة وطعن من الخلف هذا هو ما يفصل بيننا وبينه.

أما إذا كان يريد بناء الجبهة الشرقية فليتفضل يعد الجبهة الشرقية إذا أحياها وأقام حكما وطنيا حقيقيا في الأردن وبعد ذلك يكون للثورة الفلسطينية حديث آخر.

س- بالنسبة لزيارتك الأخيرة للاتحاد السوفياتي كثر الكلام الغير مسؤول عن هذه الزيارة وقرأنا في بعض الصحف أشياء عن هذه الزيارة فهل تحدثنا عن أهداف الزيارة ونتائجها؟

ج- هل تريد أن تجبرني أن أتكلم مثل الكلام الذي يتكلمه الناس؟ كل يوم هناك صحيفة عربية بعضها يكتب عن المباحثات وبعضها يكتب عن محاضر الجلسات وأشياء أخرى كثيرة.

إن ما أريد أن أقوله كلمة مختصرة وبكل وضوح أن الزيارة كانت مهمة وقد تمت في وقت خطير وأعطت نتائج ايجابية وهذا يكفي .

هذا بالنسبة لزيارة الاتحاد السوفياتي وإنني أريد أن أعود فأقول أننا عندما انطلقنا عام 65 قلنا كلمة قلنا حرب التحرير الشعبية الطويلة النفس ولم نقل نريد أن نفطر في عمان ونتعشى في تل أبيب نحن نعرف أن الحرب طويلة للغاية ونحن لم نكن متعصبين ولم نكن نازيين .

لقد طرحنا شعار الدولة الديمقراطية ولما حصل وقف إطلاق النار العربي ظلت الثورة الفلسطينية وفية للشهداء الذين سقطوا من امتنا العربية.

وكما قلت في عمان سنة 70 أن الثورة ستظل تقاتل كما قاتل جنود إسبارطة في ممر المارثون دفاعا عن أراضي اليونان ضد الفرس وظلوا صامدين حتى جاءتهم أخيرا باقي قوات اليونان ونحن سنظل نقاتل في الممر حتى تتجمع معنا كل امتنا العربية وتقاتل معنا أعداء الأمة العربية لأنه ثبت أن الصهيونية لا تستهدف الثورة الفلسطينية والشعب الفلسطيني فقط وإنما تستهدف الأمة العربية والحضارة العربية ومستقبلها ومستقبل أولادنا والعدو يريد أن نكون كعمال له كما هو حاصل الآن إذ أن عمالا من الضفة الشرقية الآن يذهبون للعمل هناك.

لقد خططت الحركة الصهيونية هذا الأمر منذ عام 1890 بالاتفاق مع الاحتكارات الأمريكية فقسموا منطقة الشرق الأوسط إلى ثلاث دوائر الدائرة الأولى وهي في قلب الوطن المحتل في تل أبيب وهي دائرة الفكر والقيادة ثم الدائرة الثانية وهي دائرة الأيادي العاملة كما يحدث في أمريكيا حيث يعمل 15 مليون زنجي كعمال أي أنهم يريدون أن يعمل العمال العرب في المصانع الامبريالية الاحتكارية أما الدائرة الثالثة فهي دائرة الاستهلاك أو المستهلكة .

ولذلك فنحن لا نقاتل دفاعا عن أنفسنا مع كل الأحرار والشرفاء في امتنا العربية حتى التحرير والنصر إن شاء الله .

أنا لم يتزعزع إيماني في يوم من الأيام بالنصر.

لهذا فنحن نربي أشبالنا ونسميهم جيل النصر أما نحن فجيل التضحية.

س- لقد أجبت على سؤال يدور في ذهن الجماهير من خلال ما طرحت وهو: ما هو الطريق للخروج من المأزق الذي تمر به الأمة العربية الآن؟

ج- لا يوجد هناك مأزق هناك بعض المتاعب تواجهها امتنا العربية هناك موقف حرج تواجهه امتنا والطريق الوحيد القتال القتال القتال واستمرار شعلة الثورة.

فنحن منذ عام 1965 نقول ثورة حتى النصر وسنظل أوفياء لهذا الشعار وستظل الثورة الفلسطينية مستمرة حتى النصر. إن أمام امتنا العربية طريقا واحدا هو القتال لان المستفيد الوحيد من حالة اللاحرب واللاسلم هو العدو كما صرح دايان.

القاهرة، 28/8/1972
("وفا"، بيروت، 28/8/1972)