حديث صحفي لياسر عرفات حول بعض جوانب القضية الفلسطينية .[1968/12/31]

2015-12-07


حديث صحفي لياسر عرفات حول بعض جوانب القضية الفلسطينية .[1968/12/31]
إن معركتنا معركة ضارية قاسية معركة أن نكون أو لا نكون إن إسرائيل في عرفنا تمثل الدور الذي تمثله شركة الهند الشرقية عندما استطاعت هذه الشركة أن تحتل القارة الهندية ثم عانى إخواننا الهنود طوال قرون من عبء الاستعمار الانجليزي.

وفي رأينا أن إسرائيل تمثل نوعا جديدا نوعا متقدما من أعمال شركة الهند الشرقية.

إن إسرائيل تريد الآن أن تمثل نفس الدور في بلادنا العربية وفي منطقة الشرق الأوسط تريد أن تخدع هذه الأمة من المحيط إلى الخليج بسيطرة جديدة هي سيطرة الصهيونية ومن ورائها الامبريالية الأمريكية ونحن مطالبون جميعا إزاء هذا الخطر الدائم الذي يهدد وجودنا ويهدد حضارتنا ويهدد مستقبلنا ويهدد أولادنا ويهدد كل مقوماتنا أن نقف جميعا وقفة رجل واحد أن نكون كالبنيان المرصوص لنواجه هذا العدو الشرس بإمكانياته الكثيرة ولكن ليس معنى هذا أن إمكاناته الكثيرة ستحول بيننا وبين النصر إطلاقا .

وان ما نحتاجه اليوم هو المزيد من الصبر والمصابرة والصمود.

ليس عيبا أن نقهر وليس عيبا أن ننهزم في معركة.

الحلفاء انهزموا في دانكرك ومع ذلك وبعد خمس سنوات من الصراع الطويل بينهم وبين النازية حققوا انتصارهم .

في خلال 14 يوما كانت الجيوش النازية مكتسحة هولندا ولكسمبورغ وبلجيكا وفرنسا ومع ذلك كانت النتيجة معلومة الهزيمة والهزيمة النكراء للنازية.

ولهذا أقول معقبا: نحن في حاجة إلى مزيد من الصمود ومزيد من دفع كل طاقاتنا وكل إمكانياتنا في المعركة ونحن متأكدون تأكدا تاما لا يخامرني فيه أي شك أننا سننتصر.

لقد سجلنا في معركة الكرامة انتصارا أنهى أسطورة تفوق الجندي الإسرائيلي التي حاولا أن يضفوها على هذا الجندي ثم جاءت معركتنا الأخرى عندما حاول الطيران الإسرائيلي أن يضرب إخواننا في القطعات العسكرية العراقية أنا اعتبر هذه المعركة أي معركة الطيران كرامة جديدة أنهت أسطورة التفوق الجوي الإسرائيلي الذي يعتبره الصهاينة العامل الأساسي للقضاء على الجيوش العربية .

وجاءت المقاومة من إخواننا في الجيش العراقي لصنع كرامة جديدة للأمة العربية .

إن هذه المعارك الصغيرة ضد العدو في الأرض المحتلة كمعركة طوباس ومعركة بيت فوريك والخليل ومعركتنا في المفرق ضد الطيران الإسرائيلي وغيرها من المعارك تعني شيئا وحدا هو أننا لم ننهزم عن ضعف بل كان انهزامنا بسبب  وجود عوامل خارجة عن إرادتنا والأمة العربية عندما تصمم على النصر لا بد أن تأخذ هذا النصر ولو احتاج هذا إلى الصبر والصمود واستنفار جميع إمكانياتنا .

إننا أمام عدو شرس وأنا احذر من هذا العدو ومن شره .

في سنة 1948 ما كنا نتخيل انه سيقيم دولة لكنه أقام دولة في سنة 1956 احتل سيناء في سنة 1967 احتل سيناء والضفة الغربية والجولان.

إن عدونا ينفذ كل مطامعه المثبتة في الخرائط الموجودة في الكنيست الإسرائيلي التي تشير إلى توسيع إسرائيل وجعلها من النيل إلى الفرات معنى ذلك أن هذا العدو مصمم أن لم يكن الآن فغدا أن يصل بدولته من النيل إلى الفرات.

وإذا عدنا بالذاكرة إلى الخلف إلى سنة 1948 هل كان فينا احد يظن أن هذه الشراذم ستصل إلى ما احتلته الآن ؟ ما كان احد فينا يتصور هذا أبدا.

إن إسرائيل ليست وحدها إنها مدعومة بالصهيونية العالمية وبالإمكانات الامبريالية الاستعمارية كما أنها مدعومة بالاحتكارات الدولية كلها بواسطة أمريكية ومن يقف مع أمريكيا من الدول الغربية.

إذن هذه الدويلة لها إمكانيات الاستعمار كله إنها لا تحاربنا بإمكانياتها فقط وإنما تحاربنا بكل تأييد الامبريالية وأسلحتها ودعايتها .

إن الاستعمار الغربي يرى فيها حجر الزاوية التي ينطلق منها الاستحواذ على خيرات الشعوب المجاورة ولهذا يؤيدها ويساندها لكي تساعده على تمرير مؤامراته ومخططاته على الأمة العربية .

إن الحرب مفروضة علينا وعلينا أن نقاتل وعلينا أن نثبت وجودنا وان نسترجع ما ضاع وهدر من حقوقنا.

إن عندي قناعة لا يزعزعها احد بأننا سننتصر ولكن نحن بحاجة إلى التضحيات إلى المزيد من التضحيات لان النصر لا يأتي بسهولة وإنما يتحقق من خلال التضحيات من خلال دفع الثمن والثمن تقديم المزيد من الشهداء قربانا للحرية والنصر.

ونحن في الجزائر ضحينا بمليون ونصف المليون شهيد ونريد هنا فلسطين أن نضحي على الأقل بمليون شهيد لكي نشاهد هذه الأمة وقد بدأت ترفع رأسها عاليا وتعيد مجدها وإرادتها وحضارتها.

هل نحن على استعداد أن نفهم كل هذا ؟ أنا متفائل تفاؤلا كبيرا في امتنا وإمكاناتها القوية التي ستحقق حتما النصر لنا.

لقد جاء التتر واسقطوا الخلاقة الإسلامية في بغداد ولكن ماذا كانت النتيجة ؟

لما أرادت الأمة أن تقهرهم قهرتهم في عين جالوت وجاء الصليبيون وجاء صلاح الدين وهزمهم في معركة حطين وهكذا استطاع العرب أن يحققوا النصر ضد الغزاة في جميع الأحقاب والقرون ولهذا سيكون النصر أيضا حليفنا ضد الصهاينة المجرمين.

يجب أن ندفع ثمن العودة إلى فلسطين أن ندفعه بسخاء وكرم والأمة العربية بهذه الفترة الحرجة التي نمر بها مدعوة جميعها لمزيد من الحذر ومزيد من الحيطة ومزيد من التضحيات ومزيد من الفداء وبهذا حتما سنفرض وجودنا وننتصر.

س- ما رأيكم بالغارات الجوية الإسرائيلية التي صدتها القوات العراقية المرابطة في الأردن؟

ج- لقد كانت إغارة الطائرات هزيمة جديدة للعدو تضاف إلى هزائمه في الكرامة والسلط والجنوب أن طائرات العدو لم تستطع بهذه الغارات النيل من مواقع جيشنا العراقي الصامد أو تحقق أهدافها المقصودة ولقد تم هذا بفضل بسالة إخواننا ضباط وجنود الجيش العراقي وصلابتهم وصمودهم .

س- بماذا تعلقون على الجولة المشبوهة التي يقوم بها سكرانتون مبعوث الرئيس الأمريكي الجديد في منطقة الشرق الأوسط؟

ج- علمتنا تجربة الشعب الفلسطيني المريرة أن لا نتطلع إلى ما يمكن أن تأتي به مثل هذه التحركات إلا في حدود ما يمكن أن تجره على قضيتنا من ويلات للتحرز واتخاذ الحيطة ضد عواقبها كما علمتنا تجربة شعبنا أن نعتمد على أنفسنا على نضالنا على تضحياتنا ومدى إصرارنا على استرداد حقنا أن نعتمد على بنادقنا كل بنادقنا التي نوجهها للعدو فهي وحدها السبيل لتحرير فلسطين لهذا سواء كانت جولة سكرانتون استطلاعية لتقصي الحقائق أو غير ذلك فان هذا الأمر يعنيه هو وحده فنحن لا نعرفه ولا نتحدث معه فقد اخترنا اللغة التي نتحدث فيها مع العدو لغة السلاح ليس حبا في السلاح بل هذا هو ما علمتنا إياه تجربة شعبنا المريرة وتجارب كل الشعوب في نضالها ضد الامبريالية .

س- ما هو الموقف الواجب اتخاذه حيال الإرهاب والتنكيل الذي يلاقيه إخواننا في الأرض المحتلة ؟

ج- إن ما يتعرض له شعبنا من قمع وإرهاب ومن نسف وتنكيل ليس إلا ضريبة النضال وجانبا من المأساة البطولية لحياة شعب مناضل في ظل استعمار غاشم وموقفنا من هذا هو مواجهة القمة والإرهاب النسف والتنكيل بالمزيد من النضال المزيد من الثورية والمزيد من توجيه الضربات إلى العدو .

موقفنا أن نرد على كل اعتداء أو إرهاب أو قمع صهيوني على العرب ليس شعبنا في الأرض المحتلة فحسب بل في كل ارض العرب في السلط أو اربد في السويس أو الإسماعيلية .

أما عن شعبنا داخل الأرض المحتلة فان صموده إنما هو إعلان عن مدى صلابة ثورتنا لقد صمم شعبنا في فلسطين على الثورة وأعلن إصراره على أن ينال إحدى الحسنيين إما الشهادة أو النصر وليست مظاهرات نابلس وغزة ورام الله والقدس التي جابهت فيها شقيقاتها وبناتنا بصلابة  وإصرار المرأة العربية كل قوى البغي الصهيوني واستطاعت أن تعلو عليها بشرف النضال ونبل التضحية وما صمود شعبنا النضالي داخل الأرض المحتلة إلا جزء لا يتجزأ من الثورة .

س- ما هو اثر محاولات قوى الثورة المضادة لضرب العمل الفدائي ؟

ج- كان لهذه المحاولات جوانبها المظلمة كما كانت لها جوانبها المضيئة أن محاولات الثورة المضادة صرفتنا بعض الوقت عن واجبنا المقدس والأساسي في تحرير الأرض التي نريق دماءنا ونقدم أرواحنا من اجلها ومحاولات الثورة المضادة أسقطت عديدا من شهدائنا الأبطال في معارك خلفية وكم كانت ميادين القتال مع العدو في حاجة إليهم والى جهودهم الشريفة وسواعدهم الفتية لكن هذه المحاولات رغم كل هذا عمقت جذور تنظيماتنا وأجهزتنا السياسية من خلال التجارب النضالية والمحن وأوجدت رباطا بين الثورة الفلسطينية وإخواننا رجال الجيش الأردني .

لقد مرت الأزمة الأخيرة لأننا عملنا بإخلاص على أن تمر فنحن نؤمن بشعار البنادق كل البنادق نحو العدو وسيكون رأينا دائما وحرصنا المستمر على تجنب وتفادي كل الأزمات من اجل الثورة وتفرغها لصراع العدو .

س- ما لديكم أن تقولوه عما يسمى بجيل النكبة وبجيل الثورة ؟

ج- إن ما اصطلح بتسميته جيل النكبة هو الذي يحمل السلاح الآن للخلاص من النكبة معظم مقاتلينا أو الغالبية العظمى منهم كانوا أطفالا أيام النكبة أو ولدوا في ظلها إما جيل الثورة فانه لم يفتنا أن ننشئه جيلا ثوريا واعيا ومناضلا نحن نؤمن أن ثورتنا طويلة الأمد لذلك أقمنا معسكرات الأشبال التي يقبل عليها أطفال المخيمات لكي نقدم لهم ما حرمنا نحن منه من ثقافة عسكرية وسياسية واجتماعية ورياضية إننا نعني جيدا بتربية جيل الثورة لأنه الجيل الذي سيصل إلى البحر .

أن ثورتنا فلسطينية الوجه عربية القلب وان ثورتنا تواجه عدوا ضاريا تواجه الامبريالية العالمية حليفة الصهيونية التي خلقتها وأوجدتها لهذا ستكون ثورتنا طويلة الأمد ومع تصاعد المد الثوري ستزداد حاجة الثورة إلى دعم الأنصار والمؤيدين وتتصاعد الحاجة إليهم ويتصاعد دورهم فيها .

إن الجبهة العربية المساندة للثورة ستتحول إلى جبهة عربية مشاركة بالثورة الفلسطينية تتحمل مسؤوليتها في المعركة معركة المصير العربي كله والتي تحتاج دائما إلى المزيد من الحشد والطاقات والإمكانات حتى تواجه إمكانات أعدائنا الأقوياء بما لديهم وبما وراءهم من قوات استعمارية تساندهم .

س- إلى أي مدى وصلت الثورة من الناحيتين العسكرية والسياسية ؟

ج- استطيع أن أقول أن الثورة في نموها العسكري والسياسي لا تسير فقط وفق المعدلات المرسومة بل إنها تسير وتنمو بسرعة فاقت كل توقعاتنا بشكل يضطرنا إلى بذل قصارى الجهد لكي نلبي كافة متطلبات هذا النمو السريع .

فمن الناحية العسكرية استطاعت الثورة أن ترغم العدو على تعبئة 18 لواء مشاة بصفة مستمرة هذا غير مئات الطائرات والمدرعات مما يكلف سلطات الاحتلال ما لا يقل عن مليون جنيه يوميا.

وقد نمت قوات العاصفة كما ونوعا إذ تضاعف عدد المقاتلين عشرات المرات في خلال الأشهر الأخيرة كما أن مستواهم العسكري وخبراتهم القتالية بلغت معها ذلك المدى الذي تحدث عن نفسه عندما تلاقت قواتنا مع قوات للعدو تفوقها في العدد عشرات المرات في معارك استمرت ساعات طويلة وفي وضح النهار فأوقعت قواتنا بقوات العدو خسائر فادحة واستطاعت أن تعود إلى قواعدها بخسائر لا تقاس بالنسبة لعظمة وخطورة المعارك التي خاضتها مثلما حدث في العوجه وقرنطل وطوباس هذا وقد تطور تسليحنا بشكل يرضي كل أبناء امتنا فأصبحنا نستعمل الصواريخ ذات الأبعاد المختلفة والطاقة التدميرية الجبارة والآليات الحديثة بمختلف أنواعها وكافة الأسلحة الفعالة التي تمكننا من تحقيق كافة أهدافنا كاملة في كل عملياتنا الأمر الذي يجعلنا نتطلع باعتزاز إلى الإخوة القدامى الذين أشعلوا شرارة الثورة ورفعوا رايتها وارسوا دعائمها في ظل أصعب الظروف وبسلاح بدائي ثم استشهدوا أبطالا في معارك التحرير أو وقعوا في الأسر .

إن هذه التطورات كلها هي التي مكنتنا الآن من أن نضرب ونضرب بعنف في كل مكان من أرضنا المحتلة من الجليل إلى النقب جنوبا ومن الوادي شرقا إلى نتانيا وتل أبيب غربا وقد أصابت ضرباتنا مواقع العدو العسكرية ومراكز تجمعاته ومجالاته الاقتصادية الحيوية كما أن نظرة بسيطة إلى الإحصاءات تشير إلى هبوط نسبة الوافدين من الإسرائيليين وتقلص حجم السياحة مع ارتفاع في نسبة الهجرة الإسرائيلية من فلسطين المحتلة حتى بلغت 25 ألف مهاجر خلال الأشهر القليلة الماضية .

أما من الناحية السياسية فقد استقطبت الثورة الغالبية العظمى من أبناء شعبنا العربي الذين انتظموا في صفوفها وأولها العون والدعم ليس هذا فحسب بل أن تيار الثورة حرك جماهير شعبنا في موجة عارمة من السخط على العدو المحتل تمثل في مظاهرات نابلس والقدس ورام الله وغزة وكل مدن الضفة والقطاع تقريبا.

هذا المجال المحلي أما على الصعيد القومي فقد استطاعت الثورة أن تكتل رأيا عاما جماهيريا كاسحا ضد الحلول السياسية والتهاونية ووقفت جحافل الشعب العربي العظيم في جبهة مساندة للثورة الفلسطينية تضغط في كل يوم وتزحف لكي تحتل مكانها كجبهة مشاركة في الثورة العربية الفلسطينية التي هي ثورة العرب كلهم من اجل التحرير وتامين المستقبل .

أما على الصعيد العالمي فلقد أبرزت الثورة القضية الفلسطينية كحقيقة إنسانية مناضلة وفرضت نفسها على الرأي العام العالمي الذي وان كان لم يزل في فترة التطلع والدهشة للخديعة التي أغرقته فيها الدعاية الصهيونية طوال العشرين سنة الماضية إلا أن وجدان الرأي العام العالمي بدأ يهتز ويستيقظ على دوي بنادقنا وبدأت طلائعه تتجه إلى القضية الفلسطينية تحرر الإنسانية بكل ما في النفس من إيمان وفي الإرادة من تأييد صلب لكننا رغم كل هذا ندرك تماما إننا لم نزل في بداية الطريق وعيا منا بخطورة القوى التي نصارعها فنحن في نضال ضد الامبريالية العالمية خالقة إسرائيل وحاميتها لذلك سوف نوالي السعي وبذل الجهد بكل ما أوتينا من قوة على كلا الصعيدين السياسي والعسكري حتى تنخرط كل جماهيرنا في صفوف المعركة ويعي الرأي العام العالمي وعيا كاملا حقيقة قضيتنا لكي نوجه الضربة النهائية القاضية للعدو فنزيل كيانه الصهيوني الغاصب من فوق ارض فلسطين كل ارض فلسطين .

س- ما هو موقف الثورة لو طبق فعلا قرار مجلس الأمن في ما يخص المشروع البريطاني بتاريخ 22 تشرين الثاني نوفمبر 1967 ؟

ج- لقد قاتلنا دائما إننا نرفض الحلول السياسية لأنها لا تمنحنا حقنا كاملا ولا تحقق أهدافنا إن هذا القرار في أحسن حالاته متعلق بإزالة آثار عدوان 1967 هذا العدوان كان احد مظاهر الخطر الصهيوني ولا يتعرض لمصدر الخطر إلا وهو الكيان الصهيوني نفسه وقضيتنا لن تحل إلا بالخلاص من مصدر العدوان بتصفية الكيان الصهيوني هذا هو ما أعلناه وهذا هو ما نحن مصممون عليه وما سوف نستمر فيه حتى ولو فرض أن طبق قرار مجلس الأمن

لقد أعلنا الثورة ولن تتوقف ثورتنا حتى النصر .

س- ما هو مدى تجاوب الشعب العربي الفلسطيني واستعداده للاندماج بالطليعة المقاتلة وهل تحولت الثورة من طليعة عسكرية إلى ثورة شعبية ؟

ج- إن ثورتنا لم تكن طليعة عسكرية فحسب في يوم من الأيام فقد أمضت ثورتنا قرابة العشر سنين وهي تعمل عملا سياسيا ثوريا دائبا في سبيل إقامة تنظيمها السياسي لتكون الطليعة الجماهيرية الثورية ثم انطلقت الرصاصة الأولى في أول كانون الثاني يناير عام 1965 ولقد حدثتك في إجاباتي على سؤالك الأول عن مدى تجاوب شعبنا العظيم مع ثورته ويكفي أن اروي لك بعض الأمثلة على تغلغل الثورة في نفوس شعبنا .

ألا يكفيك أن تستقبل الأم نبأ استشهاد ولدها بالزغاريد ثم لا تكتفي بذلك بل تهرع إلى تقديم شقيقه؟ ليس هذا فحسب بل نظرة واحدة إلى إقبال شعبنا على دعم الثورة تشهد بمدى تجاوبه معها .

إن ابسط المواطنين يجود بكل ما عنده من اجل الثورة هل تعلم انه وصلنا منذ أيام منديل من إحدى قرانا في الأرض المحتلة كان هذا المنديل يحتوي على أقراط وخواتم زفاف فتياتنا في هذه القرية جمعنها وأرسلنها لتتحول إلى سلاح يحررهن من الاحتلال المسيطر عليهن وهناك عشرات أخرى من الأمثلة.

إن الذين حولناهم معنا والذين في الأرض المحتلة معنا بل الذين نأت بهم الديار من أوروبا واسيا ومن أمريكا وكندا يعرضون علينا خدماتهم ويقدمون لنا كل العون.

أي شيء ابلغ من كل هذا دلالة على مدى تجاوب شعبنا مع طليعته المقاتلة.

س- ما هو مدى التجاوب العالمي والدولي بالنسبة لشعار فتح إسقاط الحكم الصهيوني بإسرائيل؟

ج- قلت لك أن قطاعات هامة من الرأي العام العالمي بدأت تدرك مدى جدية وضرورة تحقيق هذا الشعار وان لم يصل المدى بعد إلى الحد المرجو وقد كان لقاء وفدنا في مؤتمر الشبيبة العالمي في صوفيا خير دليل على ذلك أما بالنسبة للدول فان كثيرا من الدول الآسيوية والإفريقية بدأت تستجيب لهذا الشعار أو هذا الهدف كما أن دولا عديدة في أمريكا اللاتينية وأوروبا وإفريقيه واسيا بدأت تنظر بجدية إلى هذا الهدف وان كان لم يزل هناك كثير من دول العالم الامبريالي لا زالت ترفضه وان كانت تنظر إليه بالمزيد من القلق والخوف .

س- هل تم بحث تنسيق العمل مع القوى الثورية في الوطن العربي باعتبار أن الثورة الفلسطينية جزء من الثورة العربية ؟

ج- إن القوى الثورية العربية الحقيقية تقف دائما في صف واحد ضد عدو واحد وتخوض معركة واحدة لتحقيق الانتصار على القوى المعادية للثورة وهكذا يصبح التنسيق نوعا من تنظيم الجهود وبالتضامن والتساند وهذا أمر ليس في حاجة إلى بحث والقوى التي لا تؤمن بهذا لا يمكن أن تكون قوى ثورية مهما رفعت من شعارات ثورية وأعلنت من مواقف نضالية.

س- هل أثرت الهجمات الإسرائيلية المتكررة بعزيمة السكان وخففت من التحامهم بـ فتح؟

ج- بالعكس لقد أثبتت التجربة وأكدت الإحصاءات أن كل عدوان إسرائيلي يضيف إلى عزائم الشعب إصرارا جديدا ويضفي على معنوياتهم صلابة أكثر إن كل قنبلة تسقط على منزل عربي تضيف إلى صفوف الثورة مقاتلين جددا وتجعل مواطنينا أكثر ايجابية في نضالهم ضد العدو .

إن كل بيت ينسف إنما هو إضافة جديدة للثورة ومسمار جديد في نعش الاحتلال الامبريالي الصهيوني انك لو تتبعت قوائم المتطوعين من الناحية الجغرافية لوجدت أنها تتبع دائما الهجمات والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة سواء كان هذا في الداخل أم في الخارج؟

س- هل تؤمنون أن فتح هي مقدمة صدام شعبي شامل مع الامبريالية في أجزاء الوطن العربي ؟

ج- إننا نؤمن بأن فتح حركة تحرير وطني مسلحة فلسطينية الوجه عربية القلب .

س- ما هو مدى ارتباط العمل المسلح بالفكر السياسي وهل هناك خط فكري خاص يسير إلى جانب الخط العسكري؟

ج- إن العمل العسكري الثوري لا بد وان يستند إلى فكر ثوري وخطنا الفكري الثوري الذي أعلناه دائما هو أننا نرى أن التحرير لا يمكن أن يتحقق إلا بالكفاح المسلح الكفاح المسلح الذي تمارسه الجماهير العربية بقيادة طلائع نابعة منها ملتزمة بمبادئها وأهدافها ولذلك فان هذه الثورة لا يمكن أن تكون نابعة ولا موجهة من أي تنظيم أو حزب أو قوة غير الجماهير التي التزمت بمبادئها وأهدافها وذلك لكي تحقق أهداف الجماهير في الخلاص الكامل مهما طال الزمن .

هذا هو خطنا الفكري الثوري الذي يستند إليه عملنا العسكري بل وكل تحركاتنا .

س- ما هو مدى استجابة الشعب العربي للتطوع بجانب الثورة عمليا ؟

ج- لم يكن الشعب العربي في يوم من الأيام أكثر مبادرة إلى خوض معركة قدر ما هو اليوم بالنسبة للنضال المسلح ضد الوجود الصهيوني لقد أقبلت جموعه من كل أقطار وطننا الكبير طالبة التطوع مصرة عليه بعناد قبل أن نوجه إليها أي نداء لقد كانت حركة الجماهير العربية اسق من فكر الثورة وهكذا تثبت جماهيرنا العربية إنها القائدة والملهمة والموجهة دوما .

إن هذه الجموع الهادرة التي اتجهت إلى ثورتنا بمئات الألوف قد أكدت لنا مدى سلامة وصحة خطوات الطليعة الثورية.

س- هل أدى التقاء المقاتلين على ارض المعركة إلى تصعيد العمل الفدائي أكثر من قبل ؟

ج- لا شك من ناحية المبدأ أن التقاء المقاتلين على ارض المعركة يؤدي إلى تصعيد العمل الثوري نحن نسعى إلى حدوث هذا اللقاء وقد أعلنا دائما أن اللقاء الوحيد المثمر والفعال هو لقاء المقاتلين على ارض المعركة .

س- لكل ثورة طبيعة تجربة خاصة فهل لثورتكم أسلوبها الخاص أم إنكم قد استفدتم من الثورات التحررية الأخرى ؟

ج- لا يمكن لأية ثورة أن تمارس نشاطها الثوري دون دراسة موضوعية للواقع الذي نحياه جماهيرنا وطبيعة الظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة به وواقع العدو وكافة الظروف المحيطة به وقد أصبح من قبيل التكرار أن نسرد الطبيعة الخاصة للقضية الفلسطينية التي إذا ما أضيفت للواقع الخاص الذي يحكم فلسطين جغرافيا وعسكريا لكان من الضروري أن تكون لنا تجربتنا الخاصة التي ستمزجها من خلال حركتنا وصراعنا مع العدو .

لكن هذا لا يعني أننا ننطلق من فراغ بل أن حركتنا تستند إلى دراسة وافية عميقة لكل تجارب الشعوب في حروب التحرير الوطنية وكل الثورات الشعبية التحررية لكي نأخذ هذا التراث الضخم ونعيد طرقه على مسبك تجربتنا الذاتية فتخرج بذلك التجربة الفلسطينية عميقة الجذور واضحة الرؤية ايجابية الفعالية .

س- هل تمكنت أجهزة الإعلام العربية من دعم العمل الفدائي وعكس صورته الحقيقية؟ إذا كانت لم تفعل فما هو اقتراحكم حول ذلك ؟

ج- تجتهد أجهزة الإعلام العربية في دعم العمل الفدائي بنسب متفاوتة ورغم تقديرنا لدورها إلا أن لنا عتاب نوجهه لبعضها هنالك كثير من الأعمال البطولية المجيدة تمر دون الاهتمام الجدير بها وهنالك نشر غير متعمد لأخبار العدو كما يرد في بلاغاته العسكرية فتنشره بعض أجهزتنا دون أن تسبقه حتى بعبارة ويدعي العدو كما أن هنالك في بعض الأحيان تسابق ضار على السبق الصحفي .

تلك أشياء نذكرها من قبيل النقد الذاتي فهذه الأجهزة العربية أجهزتنا وهي إحدى القوى التي نعتمد عليها في خوض المعركة.

س- هل أدت إذاعة صوت العاصفة دورها في المعركة؟

ج- رغم السرعة التي أنشئت بها إذاعة صوت العاصفة  ورغم أن رجالها تعلموا هذا الفن الإعلامي من خلال العمل إلا أنها أثبتت وجودها وأصبحت لملايين المستمعين العرب إلى جوار طلقاتنا في ارض المعركة صوتنا المدوي برسالتنا لكننا نتطلع إلى صوت العاصفة باستمرار كما نتطلع إلى نشاطاتنا الثورية من زاوية إنها يجب أن تسير في نمو مستمر لكي تستطيع مواجهة المهام المتزايدة والتي تنمو وتتعاظم بنمو وتعاظم ثورتنا نفسها حتى تستطيع أن تكون في مستوى المعركة الرهيبة التي نخوضها ضد الامبريالية العالمية .

س- كم تقدرون لإنهاء إسرائيل إذا أخذنا ذلك بمقياس تصاعد الثورة منذ عام 1965 ؟

ج- نحن لا يهمنا الزمن بقدر ما يهمنا الثقة بان ثورتنا متصاعدة تمضي في طريقها نحو النصر مهما طال المدى.


(الجمهورية، بغداد، 16و31/12/1968)