أحمد الشقيري (1908– 1980)

2023-08-15

ولد هذا المحامي الفلسطيني العكاوي في قلعة تبنين اللبنانية عام 1908، ونشأ في مدينة طولكرم وأسس منظمة التحرير الفلسطينية.

والده هو أسعد الشقيري مفتي الجيش العثماني الرابع وكان منفياً خارج فلسطين ووالدته تركية الأصل وبعد طلاقها من والده، عاش وترعرع معها في طولكرم حيث كان بيت عمه قاسم الشقيري أيضاً والذي كان مسؤولاً للدائرة المالية في المدينة، وتزوجت والدته في طولكرم من موظف في قسم خطوط الهاتف ولكنه توفي بعد سنة واحدة من الزواج. 

تلقى أحمد التعليم في مدارس طولكرم، وتوفيت والدته وعمره ثماني سنوات أثر اصابتها بالكوليرا ودفنت في طولكرم. 

وقد كتب أحمد الشقيري عن تفاصيل حياته في طولكرم في كتابه " أربعون عاماً في الحياة العربية والدولية" وتحدث عن عودة والده ذات مرة مع القائد العثماني جمال باشا إلى طولكرم ولم يتمكن من معرفة والده.

شهد الحرب العالمية الأولى في طولكرم وواصل تعليمه فيها وعند اشتداد المعارك، أكمل تعليمه في المدرسة الأميرية في عكا وأتمَ دراسته القانونية عام 1926 في مدرسة صهيون في القدس ليلتحق بعد ذلك بالجامعة الأمريكية في بيروت. 

كان له علاقة وثيقة مع حركة القوميين العرب في الجامعة الأمريكية في بيروت وكان عضواً نشطاً في نادي العروة الوثقى، لكن الجامعة طردته بسبب قيادته مظاهرة كبيرة في الجامعة احتجاجاً على الاستعمار الفرنسي في لبنان وقامت السلطات الفرنسة بإبعاده عن لبنان عام 1927 فالتحق بمعهد الحقوق في القدس وعمل في نفس الوقت محرراً بصحيفة "مرآة الشرق" وبعد تخرجه تدرب في مكتب المحامي عوني عبد الهادي أحد مؤسسي حزب الاستقلال في فلسطين ومن خلال هذا المكتب تعرف على رموز الثورة السورية ادأثناء لجوئهم لفلسطين وتأثر بهم.

شارك أحمد الشقيري في أحداث الثورة الفلسطينية الكبرى (1936– 1939) وكمحامي نشط في الدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين أمام محاكم الانتداب البريطاني وشارك في مؤتمر بلودان/ سوريا عام 1937 فلاحقته القوات البريطانية فغادر إلى مصر وعاد لفلسطين عام 1940 عند وفاة والده. واستقر وفتح مكتباً خاصاً للمحاماة. 

وعندما تقرر فتح مكاتب اعلام عربية في الخارج، تم تعيين أحمد الشقيري مديراً لمكتب الاعلام في واشنطن ولكنه عاد بعد مدة قصيرة مديراً لمكتب الاعلام العربي المركزي في القدس وبقي بهذه المهمة حتى حلول النكبة عام 1948 حيث هاجر واستقر في بيروت. 

كان أحمد الشقيري يحمل الجنسية السورية ولخبرته تم تعيينه في البعثة السورية لدى الأمم المتحدة (1949- 1957) وعاد إلى القاهرة ليتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً لجامعة الدول العربية وبقي بهذا المنصب حتى عام 1957. واختارته المملكة العربية السعودية ليشغل منصب وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة وعين لاحقاً سفيراً دائماً للسعودية في الأمم المتحدة. 

بعد وفاة أحمد حلمي عبد الباقي ممثل فلسطين لدى جامعة الدول العربية، تم اختيار أحمد الشقيري لهذا المنصب من قبل الملوك والرؤساء العرب.
وفي مؤتمر القمة العربية الأولى (1/1964) التي داع إليها الرئيس جمال عبد الناصر، كلَف المؤتمر أحمد الشقيري بالاتصال بالتجمعات والمخيمات الفلسطينية وتقديم تقرير لمؤتمر القمة العربية التالي، وقام من أجل ذلك بزيارة الدول العربية للقاء التجمعات الفلسطينية وتم وضع مشروعي الميثاق القومي والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتقرر عقد مؤتمر فلسطيني عام.  وقام الشقيري باختيار اللجان التحضيرية للمؤتمر واختيار الأعضاء وتم عقد المؤتمر في مدينة القدس (5/28 –  1964/2/6) وتم الإعلان عن قيام منظمة التحرير الفلسطينية وتم إطلاق اسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول على هذا المؤتمر وصادق على الميثاق القومي والنظام الأساسي للمنظمة وتم انتخاب الشقيري رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة وجرى تكليفه باختيار أعضاء اللجنة الخمسة عشر.

وفي مؤتمر القمة العربية الثاني (1964/9/5) قدم أحمد الشقيري تقريراً عن انشاء المنظمة مؤكداً على النواحي العسكرية والتنظيمية والتعبئة، فوافق المؤتمر وأقرَ تقديم الدعم للمنظمة. 

على إثر ذلك تفرغ أحمد الشقيري للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس ووضع أسس العمل وأشرف على انشاء الدوائر وتأسيس مكاتب للمنظمة في الدول العربية والأجنبية وأشرف على بناء الجهاز العسكري تحت اسم "جيش التحرير الفلسطيني" 

وعقد المجلس الوطني الفلسطيني دورته الثانية في القاهرة (5/31 – 4/6/ 1965) حيث قدم الشقيري استقالته من رئاسة المجلس الوطني وتم تجديد انتخابه رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة ومنحه حق اختيار أعضائها.

وترأس أحمد الشقيري وفد منظمة التحرير الفلسطينية إلى مؤتمر القمة العربية في الخرطوم (29/8/1967) بعد هزيمة حزيران 1967 ويعود إليه ولعضوي اللجنة التنفيذية شفيق الحوت وسعيد السبع ما عرف لاحقاً بلاءات الخرطوم الثلاث: 

لا صلح وتعايش مع إسرائيل. 
رفض المفاوضات مع إسرائيل وعدم الاعتراف باحتلال فلسطين 1948 و1967 .
عدم الموافقة على أي تسوية فيها مساس بالقضية الفلسطينية.


وفي هذا المؤتمر تقدم الشقيري بطلبات محددة: إلتزامات مالية عربية، إقامة معسكرات تدريب، تعزيز وتسليح جيش التحرير، تمكين المنظمة من استيفاء ضريبة التحرير من الفلسطينيين. 
وعند رفض القمة اقتراح: أن لا تنفرد أي دولة عربية بقبول أي تسوية للقضية الفلسطينية غادر الشقيري والوفد مؤتمر القمة ورفض العودة إليه.
اصطدم أحمد الشقيري بالقادة العرب خلال هذه القمة وتبع ذلك احتجاج متزايد بين أعضاء اللجنة التنفيذية حيث رفع سبعة منهم مذكرة له يطالبونه بالاستقالة وهم: يحيى حمودة، نمر المصري، بهجت أبو غربية، أسامة النقيب، وجيه المدني، يوسف عبد الرحيم، عبد الخالق يغمور وكان ذلك في 1967/12/14  فبادر الشقيري إلى فصلهم من عضوية اللجنة ولكن عبد المجيد شومان رئيس الصندوق القومي الفلسطيني انضم للمعترضين وقدم استقالته وبذلك يصبح العدد 8 من 15 فقام الشقيري بدعوة اللجنة التنفيذية لعقد اجتماع بكامل أعضائها في 24/12 وكانت حركة فتح والجبهة الشعبية قد طالبتا باستقالته أيضا وفي الاجتماع رفض تقديم الاستقالة والتي أعلنها في اليوم التالي للشعب الفلسطيني.

وقررت اللجنة اختيار يحيى حمودة رئيساً بالوكالة وعللَ الشقيري استقالته بأنه لا يستطيع العمل مع الملوك والرؤساء العرب ولكنه لا يستطيع العمل دونهم. 

وكان مع الشقيري عدد من المؤسسين الأوائل: سعيد السبع، شفيق الحوت، أحمد صدقي الدجاني، حيدر عبد الشافي وآخرون كانوا جزءاً من التيار القومي العروبي ولاحقاً كانوا نواة للمستقلين في المجالس الوطنية اللاحقة.

كان أحمد الشقيري خطيباً مفوهاً وفلسطيني عروبي بامتياز، أرسله الملوك والرؤساء العرب مندوباً لهم إلى الشعب الفلسطيني فعاد للقادة العرب ممثلاً للشعب الفلسطيني. 

لم يقبل الشقيري بعد استقالته أي عمل أو منصب رسمي، وتفرغ للكتابة، وكان يقيم في منزله بالقاهرة وكان يعقد ندوات فكرية في بيته. وعندما وقع الرئيس أنور السادات معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية غادر القاهرة محتجاً إلى تونس. 

بعد عدة أشهر أصيب بالمرض في تونس ونقل إلى مدينة الحسين الطبية في عمَان حيث توفي في عام 26/2/1980 وبناءً على وصيته دفن في مقبرة الصحابي أبو عبيدة عامر بن الجراح في غور الأردن على تلَة تشرف على ربوع فلسطين. 

من مؤلفاته: 
من القدس إلى واشنطن 1947
أربعون عاماً من الحياة العربية والدولية 1969 
حوار واسرار مع الملوك والرؤساء 1970 
من القمة إلى الهزيمة مع الملوك والرؤساء 1970 
على طريق الهزيمة، مع الملوك والرؤساء 1972
الهزيمة الكبرى مع الملوك والرؤساء 1973
علم واحد وعشرون نجمة 1977
صفحات من القضية العربية 1979
خرافات يهودية 1980 

كما ترك أيضاً: 
معارك العرب وما شبه الليلة بالبارحة
قضايا عربية 
دفاعاً عن فلسطين والجزائر
فلسطين على منبر الأمم المتحدة
مشروع الدولة العربية المتحدة 
إلى أين؟ 
رحم الله مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية ... رحم الله أحمد أسعد الشقيري